على جرم متناه (1) بعقاب لا يتناهى ، وتسخير الحيوان بعضهم لبعض ، والأنعام على بعضهم دون بعض ، وخلقه اياهم (2) مع علمه بأنهم يكفرون كل ذلك عدل منه ولا يقبح من الله لو ابتدأهم بالعذاب الأليم وادامته ولا يقبح منه أن يعذب المؤمنين ويدخل الكافرين الجنان ، وانما نقول انه لا يفعل ذلك لأنه أخبرنا أنه يعاقب الكافرين وهو لا يجوز عليه الكذب فى خبره.
والدليل على أن كل ما فعله فله فعله : أنه المالك القاهر الذي ليس بمملوك ولا فوقه مبيح ولا آمر ولا زاجر ولا حاظر (3) ولا من رسم له الرسوم وحد له الحدود ؛ فاذا كان هذا هكذا لم يقبح منه شيء ؛ اذ (4) كان الشيء انما يقبح منا لأنا تجاوزنا ما حد ورسم لنا وأتينا (5) ما لم نملك اتيانه ؛ فلما لم يكن البارى مملكا ولا تحت أمر لم يقبح منه شيء. فان قال : فانما يقبح للكذب لأنه قبحه. قيل له : أجل ولو حسنه لكان حسنا ، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض. فان قالوا. فجوزوا (6) عليه أن يكذب كما جوزتم أن يأمر بالكذب؟ قيل لهم : ليس كل ما جاز أن يأمر به جاز أن يوصف به. ألا ترون
صفحه ۱۱۶