ودما (وعظما) (1)، وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال الى حال ؛ لأنا نراه فى حال كمال قوته وتمام عقله لا يقدر أن يحدث لنفسه سمعا ولا بصرا ، ولا أن يخلق لنفسه جارحة. يدل ذلك على أنه فى حال ضعفه ونقصانه عن فعل ذلك أعجز ؛ لأن ما قدر عليه فى حال النقصان فهو فى الكمال عليه أقدر. وما عجز عنه فى حال الكمال فهو فى حال النقصان عنه أعجز. ورأيناه طفلا ثم شابا كهلا ثم شيخا ، وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال الشباب الى حال الكبر والهرم ؛ لأن الانسان لو جهد أن يزيل عن نفسه الكبر والهرم ويردها الى حال الشباب لم يمكنه ذلك ؛ فدل ما وصفنا على أنه ليس هو الذي ينقل نفسه فى هذه الأحوال ، وأن له ناقلا نقله من حال الى حال ودبره على ما هو عليه ؛ لأنه لا يجوز انتقاله من حال الى حال بغير ناقل ولا مدبر. مما بين (2) ذلك أن القطن لا يجوز أن يتحول غزلا مفتولا ، ثم ثوبا منسوجا ، بغير ناسج ولا صانع ولا مدبر ، ومن اتخذ قطنا ثم انتظر أن يصير غزلا مفتولا. ثم ثوبا منسوجا بغير صانع ولا ناسج كان عن (3) معقول (4) خارجا ، وفى الجهل والجا. وكذلك من قصد الى برية لم يجد قصرا مبنيا فانتظر أن يتحول (5) الطين الى حالة الآجر ، وينتضد
صفحه ۱۹