فقد نادى إله الناس موسى
وناجى العبد من خلق الأناما
وبنت النمل كلمها نبي
وبادلها المحبة والوئاما
فلست أقل من نمل ضعيف
وليس أجل من ملك تسامى
وكان إعطائي المقالة لأحمد بك أمين مواكبا في الزمن مع فراغي من الامتحانات واستعداد منزلنا للذهاب إلى رأس البر للمصيف، فقد كانت الحرب العالمية على أشدها وانتقل المصطافون من الإسكندرية إلى رأس البر.
وذهبنا إلى رأس البر، ومكثت أترقب ظهور المقال، وقد كنت لا أطيق أن أبحث عنها مع بائع الجرائد، بل كنت أستبق الزمن وأذهب إلى شارع النيل في رأس البر أنتظر المركب الذي كان يأتي بالصحف، وأشتري المجلة، ولكني لا أجد بها المقالة فتضيق بي الحياة، وأحسب اليوم أن انتظاري لظهور المقال كان يؤزني إذا لم أشعر به في انتظار نتيجة شهادة الثقافة، وكنت قد أخبرت أبي أنني أعطيت مقالة لأحمد بك أمين، وكان يشعر بحزني كلما ظهر عدد من مجلة الثقافة وليس به مقالتي.
حتى كان ذلك اليوم المشهود الذي بدأت به هذا الحديث إليك، في ذلك اليوم ذهبت أستحم في البحر، وطبعا نزلت إلى البحر بدون نظارة النظر التي كنت قد بدأت لبسها قبل هذه الفترة بسنتين تقريبا وأنا بها أرى حتى السطر الأخير من اللوحة بدرجة 6 / 6 وبغيرها يكون نظري ضعيفا لا أستطيع أن أحدد الأشياء البعيدة.
وفي البحر استطاع بصري أن يرى عن بعد رجلا مسنا يحتزم بقرعتين ليعيناه على البقاء طافيا على سطح الماء، ولا أدري لماذا اقتربت من هذا المسن، ربما لأنني منذ طفولتي أحس حنينا لكبار السن، وربما لأنني عجبت من استعمال القرع المجفف للطفو وكانت العجلات هي المستعملة في هذا الغرض.
صفحه نامشخص