لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

عبد الرحمن عبد الخالق d. 1442 AH
99

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

وقالت فرقة أخرى: الاستثناء راجع إلى مدة لبثهم في الدنيا وهذه الأقوال متقاربة ويمكن الجمع بينها بأن يقال أخبر سبحانه عن خلودهم في الجنة كل وقت إلا وقتا يشاء أن يكونوا فيها وذلك يتناول وقت كونهم في الدنيا وفي البرزخ وفي موقف القيامة وعلى الصراط، وكون بعضهم في النار مدة وعلي كل تقدير فهذه الآية من المتشابه وقوله فيها {عطاء غير مجذوذ} محكم وكذلك قوله {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} وقوله {أكلها دائم وظلها} وقوله {وما هم منها بمخرجين}.

وقد أكد الله سبحانه خلود أهل الجنة بالتأييد في عدة مواضع من القرآن وأخبر أنهم لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى. وهذا الاستثناء منقطع وإذا ضممته إلى الاستثناء في قوله {إلا ما شاء ربك} تبين لك المراد من الآيتين واستثناء الوقت الذي لم يكونوا في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الأولى من جملة الموت فهذه موتة تقدمت على حياتهم الأبدية. وذلك مفارقة للجنة تقدم على خلودهم فيها. وبالله التوفيق.

وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم [من يدخل الجنة ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت] وقوله [ينادي مناد يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا].

وثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [يجاء بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة ثم يقال: يا أهل الجنة فيطلعون مشفقين ويقال: يا أهل النار فيطلعون فرحين فيقال هل تعرفون هذا فيقولون: نعم هذا الموت فيذبح بين الجنة والنار ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت].

فصل

وهذا موضع اختلف فيه المتأخرون على ثلاثة أقوال:

أحدهما: أن الجنة والنار فانيتان غير أبديتين بل كما هما حادثتان فهما فانيتان.

والقول الثاني: أنهما باقيتان دائمتان لا يفنيان أبدا.

صفحه ۱۰۱