لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
ژانرها
والقول الثالث: إن الجنة باقية أبدية والنار فانية، ونحن نذكر هذه الأقوال وما قابلها وما احتج به أرباب كل قول، ونرد ما خالف كتاب الله وسنة رسوله. فأما القول بفنائهما فهو قول قاله جهم بن صفوان إمام المعطلة الجهمية، وليس له فيه سلف قط من الصحابة ولا من التابعين ولا أحد من أئمة الإسلام ولا قال به أحد من أهل السنة. وهذا القول مما أنكره عليه وعلى أتباعه أئمة الإسلام وكفروهم به وصاحوا بهم من أقطار الأرض، كما ذكره عبدالله ابن الإمام أحمد في كتاب السنة عن خارجة بن مصعب أنه قال: كفرت الجهمية بثلاث آيات من كتاب الله عز وجل، بقول الله سبحانه وتعالى: {أكلها دائم وظلها} (الرعد:35) وهم يقولون لا يدوم، وبقول الله تعالى: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاذ} (ص:54) وهم يقولون ينفد، ويقول الله عز وجل {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} (النحل:96).
قال شيخ الإسلام: وهذا قاله جهم لأصله الذي اعتقده وهو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث وهو عمدة أهل الكلام التي استدلوا بها على حدوث الأجسام وحدوث ما لم يحل من الحوادث وجعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم، فرأى الجهم أن ما يمنع من حوادث لا أول لها في الماضي يمنع في المستقبل فداوم الفعل ممتع عنده على الرب تبارك وتعالى في المستقبل، كما هو ممتنع عنده عليه في الماضي.
صفحه ۱۰۲