وضغط بيده على المائدة في رفق وقال: أنا لا أفهم هذا الكلام.
وانقضت لحظة صمت قصيرة، وأحست حكمت بيديه تقتربان من يديها وتمسكهما، ووضع يديه في راحتيها، وقال: حكمت، حينما رأيتك لأول مرة أحببتك، وأحسست أنك تطابقين الصورة التي رسمتها لشريكة حياتي، لزوجتي؛ ولهذا طلبت منك أن نلتقي خارج العمل. إنني لا ألهو، إنني أريد أن أتزوجك، فهل تقبلين؟
وظل رأسها على الكرسي، وعيناها معلقتان في السماء ولم ترد، ونظر إليها في دهشة وقال: لماذا لا تردين؟
قالت في بساطة: أنت لا تفهمني، إن الحديث عن الزواج لم يحن موعده بعد. إني أرى أننا مختلفان في جوهرنا، قد تكون أعجبت بمظهري، وقد أكون رأيت في مظهرك الرجل الذي أبحث عنه، ولكن الجوهر، الأعماق، نظرتنا إلى الحياة، كل ذلك يختلف اختلافا كبيرا.
قال: إنه الاختلاف الطبيعي بين الرجل والمرأة.
قالت: إن الرجل والمرأة يختلفان في تكوين جسدهما، هذا طبيعي، ولكن القلب واحد.
قال: أنا لا أفهم كلامك أيضا.
وسكتت حكمت قليلا ثم قالت وأسى الفشل يتعلق بأهداب عينيها: هل نعود؟
قال في يأس: «كما تشائين.»
وركبت إلى جواره في العربة الفارعة الطويلة، وعادت النسمة الدافئة الرقيقة تدخل من نافذة العربة فتعبث بخصلات شعرها الأسود القصير، ويطير على وجهها ويحجب عينيها السوداوين الحزينتين، وقد تجمدت بين مآقيهما الدموع، ورفعت بأصابعها الطويلة النحيلة خصلات الشعر عن عينيها، ونظرت إليه، ورأت وجهه من الجانب، ولم تدهش هذه المرة؛ إن وجهه من الجانب يعبر عن وجهه الحقيقي.
صفحه نامشخص