وسكت قليلا يفكر ثم قال وهو يبتسم: يا للمرأة الغريبة! تستطيع أن تبرر أي شيء بلسانها.
وابتسمت، فانتهز هذه الفرصة وقال: ماذا تشربين؟
قلت: فنجان من قهوة مظبوط.
وقام إلى المطبخ وتركني، وأخذت أتأمل الصالة التي أجلس بها والأثاث المتناثر هنا وهناك بلا ترتيب، وبلا نظافة. وعاودني اشمئزازي منه ومن حياته، يا للمنافق الكذاب! هل يؤمن بكل ما يقول؟ وهل يفهم الحياة حقا كما يبدو أنه فيلسوف كبير؟ وإذا كان هو متفوقا على الناس في عقله وفهمه للحياة، فلماذا تكون حياته أسوأ من حياتهم، وبيته أقذر من بيوتهم، وجسمه أقذر من أجسامهم؟ إن الفهم الصحيح يدفع إلى الأمام، إلى التقدم، وإن الحياة تختار الأصلح دائما.
وعاد يحمل في يده فنجانا من القهوة.
وقلت له: وأنت لا تشرب القهوة؟
فقال: أشربها، ولكن عندي فنجانا واحدا لا يمكن لنا أن نستعمله في وقت واحد.
وضحكت وأنا أنظر إلى شعر ساقه اللزج المتسخ وقلت: هل أنت سعيد في حياتك التي اخترتها لنفسك؟
قال لي في بساطة: وهل أنت سعيدة؟ وهل زوجك سعيد؟ وهل الناس سعداء؟ إنني لا أبحث عن السعادة في الحياة، ولكني أهرب من التعاسة فيها. اشربي القهوة قبل أن تبرد.
وأخذت أشرب القهوة في هدوء وبطء، وأحس بوقع نظراته على وجهي ويدي، لماذا ينظر إلي؟ غريبة! لقد كنت أظن أنه رجل سطحي تافه. يا للجهل! كثيرا ما تخدعنا الصور والأشكال. ولكن هل هو غير تافه؟ لا أدري. وما هي التفاهة؟ لماذا يستمر في النظر إلي كامرأة يريدها أو يشتهيها؟ هل يريد أن يساعدني أم يريد أن يستغلني؟ لا أدري شيئا.
صفحه نامشخص