وسألته: عن قول الله سبحانه: إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ما هذه الفتنة، وهي الابتلاء من الله والاختبار والمحنة، وإضلاله وهداه بها فهو عنها وبسببها ويضل من يشاء ويهدي من يشاء هو إضلاله لمن ضل وهدايته لمن اهتدى ومن ضل ضلله ومن اهتدى كان مهتديا عنده وزاده تبارك وتعالى في هداه وآتاه كما قال سبحانه تقواه.
وسألته: عن قول نوح صلى الله عليه: ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم فإنما أخبر صلى الله عليه عن نفاذ قدرة الله فيهم ولم يخبر أنه يريد ولا أنه لإغوائهم مريد، وإنما قال: إن كان ولم يقل أن قد كان فقد أوضح وأبان لكل من يعقل اللسان أنه إنما أراد بقوله صلى الله عليه الخبر عما لله من الاقتدار لا ما يذهب إليه من لم يهتد للرشد من أهل الإجبار فأخبر أنه غير نافع لهم نصحه وإن أراد نصيحتهم إن كان الله يريد هلكتهم فصدق صلي الله عليه لأنه إن أراد شيئا، وإن أراد الله أن يفعل سواه ليكونن ما أراد الله صنعا وخلقا وشاء ولا يكون من ذلك، وفيه ما أراد نوح صلى الله عليه وكيف يريد الله إضلالهم وإغواهم وهو يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاما إلى هداهم ما يزعم هذا أو يقول به إلا من جهل أمر ربه في الرأفة والرحمة والعلم والحكمة.
صفحه ۳۰