كذلك يجب أن نشعر أن منزل الأسرة للأسرة جميعها، فليس من الحق أن يستأثر أحد الأبناء بخير ما فيه، ولا يرعى إلا نفسه، ولا يهتم إلا بما يعود على شخصه.
أول واجب على الأبناء الطاعة للأبوين إلا في أحوال نادرة يأمر فيها الأبوان بالخطأ الواضح.
يجب أن يشعر كل فرد أنه مسئول - بقدر ما يستطيع - عما يحفظ للبيت سعادته ونظامه ونظافته وحسن العلاقة بين أفراده، وإن خطأة يخطئها أحد منهم تهدد سعادة المنزل وتعرضه للشقاء.
ليست الأمة إلا عدة أسرات، وليست المدينة إلا عدة بيوت، والسلوك الذى يسلكه الناشئ في بيته ليس إلا صورة مصغرة لسلوكه بعد في أمته، وإذا كان منبع النهر ملوثا تلوث النهر، فصلاح الأمة وصلاح البلاد دائما هو بصلاح الأسرة. (2-4) واجب الإنسان نحو وطنه (الوطنية)
الوطنية حب الإنسان لبلاده، أرض آبائه وأجداده، وإنما نحب وطننا لما بيننا وبينه من الصلات المتينة، فقد تربينا في جوه وبين قومه، وصرنا منه بمنزلة الفرع من الشجرة، كون هواؤه وتربته أجسامنا، وصارت قوانينه وعرفه عاداتنا، وأصبحت طريقة أهله في مأكلهم وملبسهم وكلامهم طريقتنا، نحن إليه إذا نزحنا عنه، ويهيج أشجاننا إليه ذاكرنا له، ونأنس بقربه، ونعتز بعزته، ونهون بهوانه.
على أن حب الوطنية يكاد يكون طبيعيا في كل إنسان، حتى لنرى بعض الحيوانات تحن إلى أوطانها كما تحن الطيور إلى أوكارها، ولقد ينشأ البدوى في بلد جدب، ومكان قفر، وهو مع ذلك يسعد بوطنه ويقنع به ويفضله على كل مصر «وترى الحضرى يولد بأرض وباء وموتان وقلة خصب، فإذا وقع ببلاد أريف من بلاده وجناب أخصب من جنابه، واستفاد غنى حن إلى وطنه ومستقره»
2
هذا هو السر في أنك ترى البلد تفشو فيه أنواع الحميات، أو يكون مثارا للبراكين من حين إلى حين، أو عرضة لطغيان الماء أو عصف الرياح، ثم لا يبرحه أهله، ولا يعدلون به بلدا سواه «قيل لأعرابي: كيف تصنع في البادية إذا اشتد القيظ وانتعل كل شىء ظله؟ قال: وهل العيش إلا ذاك، يمشى أحدنا ميلا فيرفض عرقا، ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساءه، ويجلس في فيئه يكتال الريح، فكأنه في إيوان كسرى».
ويكون حب الوطن عند أكثر الناس في حالة كمون إلى أن يدهم وطنهم خطر، أو توجد دواع تنبهم، فتتنبه مشاعرهم، ويظهر حبهم لوطنهم بأجلى مظاهره، ويدعوهم للعمل على خدمته، فيبذلون نفوسهم وأموالهم في سبيل نصرته، والذود عن مجده وحريته.
مظاهر الوطنية:
صفحه نامشخص