ولقد ملح في الجمع بين النونين وطرف في الكناية عن متاعه بامام اللهو وعن عوجاجه وقلة انتصابه بقراءة سورة النون وانما شبهه بسورة النون المعروفة " وكانت " جنان المدنية تكنى عن متاع الرجل بمفتاح اللذة وفي كتاب ملح النوادر أن رجلا رواد امرأة عذراء عن عذرتها فقالت هذه ختم الله فقال واشار الي متاعه وهذا مفتاح الله " ومن الكنايات " الجيدة في هذا الباب فلان عفيف الازار وفلان طاهر الذيل اذا كان عفيف الفرج " وقلت " في كتاب المبهج من عف ازاره خفت أوزاره وانما يكنى بالازار عما وراءه كما قالت امرأة من العرب
النازلين بكل معترك
والطيبين معاقد الازر
وما احسن كنايات زيادة بن زيد عن عفة الفرج وشرف المنكح بقوله
فلما بلغنا الامهات وجدتم
بني عمكم كانوا كرام المضاجع
" فصل " في الكناية عما يجري بين الرجال والنساء من اتباع الشهوة والتماس اللذة وطلب النسل
لا أحسن ولا أجمل ولا ألطف من عناية الله تعالى عن ذلك بقوله " وقد أفضى بعضكم الى بعض " وقوله عز ذكره " فلما تغشاها " وقوله " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " وقوله " فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم " وقوله " فأتوا حرثكم أنى شئتم وقوله " فما استمتعتم به منهن " وقوله في الكناية عن طلب ذلك حكاية عن يوسف عليه السلام " هي راودتني عن نفسي " فسبحان الله ما اجمع كلامه للمحاسن واللطائف وما أظهر أثر الاعجاز على انجازه وبسطه في معناه ولفظه " ومما " جاء في حسن الكناية عن النكاح في شعر الجاهلية قول الاعشى
وفي كل يوم أنت جاشم غزوة
تشد لاقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الحي رفعة
لما ضاع فيها من قروء نسائكا
القروء ههنا الاطهار لان الممدوح لما كان كثير الغزو ولم يغش النساء للغيبة عنهن في مغازيه أضاع اطهارهن " وقد زعم نقاد " الشعر ان هذه الكناية لطيفة دالة على حذق الشاعر بصنعته " وعندي " ان ضياع اطهار نساء الملوك ليس مما يخاطبون به وكذلك قول الاخطل في بني مروان
قوم اذا حاربوا شدوا مآزرهم
دون النساء ولو بآتت بأطهار
فانه على حسنه من فضول القول الذي لو رزق فضل السكوت عنها لحاز الفضيلة وما للشاعر ذكر حرم الملوك فضلا عما يجري لهم معهن..وأما قول الربيع بن زياد
أفبعد مقتل مالك بن زهير
ترجو النساء عواقب الاطهار
فهو أيضا كناية عن النكاح بعد الطهر يقول أيرجون أن يحملن مثله في شرفه وكرمه والعرب تزعم ان أكثر ما تكون المرأة اشتمالا على الحبل بعد مواقعة الرجل إياها بعيد طهرها من حيضها فيكون الحمل عاقبة الطهر.. ويروي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع ذات ليلة وهو يطوف امرأة تغني بهذين
تطاول هذا الليل وأزور جانبه
وارقني ان لا خليل ألاعبه
فو الله لولا لا شيئ غيره
لزعزع من هذا السرير جوانبه
فسئل عنها فقيل هي مغيبة وزوجها فلان خارج في بعض البعوث فأمر برده اليها وزعزعة السرير؟ كناية عن الزج العفيف " ومما " يقاربها قول أبي عثمان الخالدي من؟؟ واذا الليل كف كل رقيب وعاذل صرت الفرش تحت قوم صرير المحامل ومن الكنايات عن النكاح الحلج وقد استعمله أبو نواس في قوله
ثم توركت على متنه
كأنني طير على برج
وكان منا عبث ساعة
واندفع الحلاج في الحلج
وللقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني من قصيدة هزل ومداعبة
تبيت تحلج طول الليل منكمشا
وباختيار ينادي ادركوا الفرقا
وقام عمرو فامنه أكف يد
لما انثنى أو تحسى منهم المرقا
اذا هو امته مثل الرمح واتسعت
كالترس وافق شن عندها طبقا
ومن ملح البحتري في هذه الكناية قوله
لم يخط باب الدهليز منصرفا
الا وخلخالها مع الشنف
وهو مسروق من قول غيره
ترفق قليلا قد اوجعتني
وألصقت قرطي بخلخاليا
وقد أخذ الاستاذ أبو بكر الطبري هذه الكناية وزاد فيها حيث قال
والشأن في ظنك الظن الجميل بها
وطال ما أوجعت كنفي رجلاها
وانظر إلى كعبها تبصر به ندبا
من طول ما خدش الكعبين قرطاها
صفحه ۶۱