خلاصة الیومیة والشذور

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
76

خلاصة الیومیة والشذور

خلاصة اليومية والشذور

ژانرها

فالرحمة ليست إذن حيلة اخترعها الضعفاء لمصلحتهم كما افترض النيتشيون، ولكنها طبيعة من طبائع الإنسان، والفرق فيها بينه وبين الحيوان فرق بين دماغ ودماغ؛ فذهن الإنسان لارتقاء تركيبه يأخذ الشبيه بالشبيه، وذلك ما يصل إليه الحيوان.

شعر حافظ

يعجبني من حافظ جلاله في شعره، يعجبني منه ذاك الجلال وإن كنت أعتقد أن الجلال الظاهر لا يتطلب من شعرائه سموا في المشاعر أو أفضلية لها على شعراء الجمال، فعندي أن إدراك الجمال ينبغي له تهذيب في النفس ودقة في الذوق لا تكتسبان إلا مع العلم ومعاينة ثمرات الفنون، ذلك إلى استقامة الفطرة وسلامة الطبع، وليس كذلك الجلال؛ فإنه لقوته الضاغطة على الحواس يضطر النفس إلى الشعور به قسرا ما دامت على استعداد له، ويندر أن تعرى نفس عن استعداد للشعور بالجلال.

وتعجبني منه موسيقيته في شعره؛ يوقع لك النغم ثم يتركك تغني على ليلاك. ومن الشعراء من تجدهم كأحداث الرسامين يرسم لك الشجرة فلا يترك ورقة من أوراقها، ويلقي إليك بقصة فيقررها كما يقرر الشاهد شهادته أمام القاضي، أولئك ككتاب الهيروجليفي يصورون لك شكلا ما هم عاجزون عن تصويره معنى، والأمي يتراءى له كأن تلك التصاوير أحكم من الحروف تمثيلا وأوضح منها مدلولا.

وأما فيما عدا ذلك، فشعر حافظ كما قال فيه الدكتور شميل ولم يرد أن يطريه: «كالبنيان المرصوص متين لا نجد فيه متهدما.» فهو يعتمد في تعبيره على متانة التركيب وجودة الأسلوب أكثر مما يعتمد على الابتداع أو الخيال.

نوبة الخفقان

إذا كان قلبي بين جنبي مضمرا

لي الغدر لم أرهب لقلب امرئ غدرا

إذا دق لا أدري أتتبع بعدها

له دقة أم أنها الدقة الأخرى

صفحه نامشخص