============================================================
وقال له رجل: أوصني. فقال: توشد الموت إذا نمت، واجعله نصب عينيك اذا قست.
وقال: الدعاء بظهر الغيب أسلم وأفضل من اللقاء والزيارة.
وقال: لم يدع لي الأمر بالمعروف صديقا.
وقال : لا يبلغ الرجل مقام الخوف حتى يصير كأنه قتل جميع الخلق.
وقال: إن هذا القرآن لم يجالسه أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، قضاء
من الله الذي قضاه: ({ هو شفاه ورحمة للمومنين ولا يزيد الظدايين إلا خسارا) (الإسراء: 82].
وقال: عليك بذكر الموت، فإن استطعت أن لا يفارقك طرفة عين فافعل.
وقال الفارسي: رأيث رجلا آدم طوالا، والناس يتبعونه، فقلت: من هذا ؟
قالوا: أويس فائبعته، فقلت: أوصني. فكلح - أي عبس- في وجهي، فقلت: مسترشدا فأرشدني، أرشدك الله فقال: ابتغ رحمة الله عند طاعته، واحذر. نقمته عند معصيته، ولا تقطغ رجاءك عنه في خلال ذلك، ثم ولى وتركني: رفي رواية لابن عساكر(1): أنه قال له: أوصني. فقال : مات أبوك حيان ويوشك أن تموت، فإما إلى الجئة وإما إلى النار، ومات أبوك آدم وحواء، وابراهيم ونوح عليهم الصلاة والسلام، وصيتي إليك كتاب الله، وعليك بذكر الموت لا يفارق قلبك طرفة عين، وإياك أن تفارق الجماعة، فتفارق دينك. ثم قال: اللهم، إن هذا رعم أنه يحبني فيك، وزارني من أجلك فعرفني وجهه في الجية، وأدخله علي في دارك دار السلام، واحفظه ما دام في الدنيا حيا، وأرضه باليسير، ثم قال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، لا تسال عني، ولا تطلبني، واعلم أنك متي على بال.
وقال له رجل: أوصني. فقال : فر إلى ربك. قال : فمن اين المعاش ؟
قال: أت لقلوب خالطها الشك، يرزقك وأنت مدبر عنه، ولا يرزقك وأنت مقبل عليه.
(1) تاريخ مدينة دمشق 97/3 ابداية أخباره.
21
صفحه ۲۱۳