وقد يكون المخالف أو الموافق غير عدل في غير العلم عدلا فيه، ولا يخفى ذلك، فإن قومنا المتقدمين يتشددون في البحث في الله تعالى، أو لئلا تظهر عنهم جهالة ولا يقصرون خوف أن يعاب عليهم كلامهم، فذلك من أسباب التحقيق، وليس هو بمثابة من شوهد منهم، وكل يوم أفضل مما بعده وأسوأ مما قبله، ومن لم يصل إلى معرفة ذلك من أصحابنا مثلا فليسلم لمن وصلها، ولا بد فأخبرا ذلك الرجل <1/ 91> بهذا وقولا له أو لمثله ممن لم يصل ينته هو عن الأخذ بنفسه من قومنا، وليقتد بما أخذت له منهم مصفى، ولينته عما قلت له منهم متكدر، فقد كفيته المؤونة، ومن الله المعونة، وعلمت من هو منهم عدل في شأن العلم ونقلت عنه كما نقل من قبلنا من أصحابنا عمن علموا عدله، فليدع لي بالخير إذا كانت المسألة راجحة من مذهبهم ولو لم تذكر في مذهبنا هي حق، فذكرها بلا نسبة إليهم أولى إذ تراب بذكرهم وليست باطلة، وفي القرآن: {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلآ أن يهدى} [سورة يونس: 35] {فماذا بعد الحق إلا الضلال} [سورة يونس: 32]. والحق يقبل من كل من جاء به ولو مشركا، وجاء أن الحكمة والحق ضالة المؤمن يقبلها ولو من عدوه. ولذلك المذكور اتفق أصحابنا على أنه من عمل بقول مخالف في الفروع نجا ولو خالف ما عندنا مهما جاء بما لا يخالف ذلك فساد ومجرد تغليظ [كذا]. وقولا للرجل لا يتوهم أني متعصب لقومنا أو راغب في نشر مذهبهم بل واقعة حالي تكلمت فيها. وقولا له: إذا صرت إلى ارتيابهم مطلقا فاعلم أنه لا فرق بين مسألة من مسائلهم وبين أن تعتقد طهارة بللهم في الثمار والثياب وغسلها ونجسها وعصر الزيت وغير ذلك مما يؤكل من أيديهم وتصلي به وتصوم به أكلا وشربا وتفطر وتسحر وتحج به.
صفحه ۷۷