<1/ 57> باب في خلق القرآن، والكلام فيما وقع لابن النضر في النونية المشهورة عفا الله عنه قال رضي الله عنه ومسألة خلق القرآن وقدمه فتحقيقها أن القائل بقدمه يقول: إنه كلام نفسي، والكلام النفسي هو القديم، وإن هذه الألفاظ التي يسميها أهل الحق قرآنا ترجمة عند غيرهم عن القرآن الذي هو كلام نفسي وليست هي القرآن، فرجع البحث إلى إثبات الكلام النفسي، نفيناه نحن وأثبتوه هم، وهو عندهم في الله عز وجل مثل ما في نفس الإنسان من تكيفات جل الله عن ذلك وليس الله عرضا ولا جسما، وقد أذعنت قلوبنا إلى قبول أنه ليس عرضا ولا جسما مع إقرارنا واعتقادنا أنه موجود وشيء لا كالأشياء وننفي عنه ما يوجب الشبهة ولو أدى نفيه إلى ما لا يعقل، وذلك شأن الله فإنا لا ندركه، ثم إنه يرجع البحث أيضا إلى أمر سهل بين، هو أن الله سبحانه وتعالى سمى هذه الألفاظ الكريمة قرآنا ووصفها بالحدوث والنزول والتجزؤ والحلول والجعل ونحو ذلك من صفات المخلوق الحادث تسمية ظاهرة ولا ينكرها موافق ولا مخالف ولا عاقل ما ولو مشركا فمن ادعى خلاف هذا الظاهر وادعى أن هذه الأشياء ليست القرآن وإنما هي ترجمة القرآن احتاج إلى دليل فوالله ما وجده ولن يجده ونص كلامي في شرح الدعائم: وقال من الكامل والقافية متواتر مقصور الضرب دون العرض إلا البيت الأول مقفى مصرع إذ جاز اختلاف الأعاريض في الكامل في الرد على من يقول بخلق القرآن أو التوراة أو الإنجيل والزبور وسائر كتب الله سبحانه ووحيه والكلام على القرآن في هذه القصيدة وغيرها كلام على ذلك كله فقيل: القائل ابن النضر؛ لأن من أصحابنا من أهل عمان من يقول بقدم القرآن على حد ما يقول قومنا، ومنهم من يقول بقدمه على معنى العلم به إجمالا وتفصيلا ولفظا ومعنى <1/ 58> على ما سيكون على ما خلقه بعده، وهذا لا بأس به معنا إلا أن التلفظ بقدمه هكذا لا يجوز لأنه يوهم ما لا يجوز، ومنهم من يقول كما يقول سائر أهل المذاهب إنه مخلوق حادث ولا يسمى قديما، وعلم الله قديم قطعا.
صفحه ۵۶