کشف الاسرار
كشف الأسرار شرح أصول البزدوي
ناشر
شركة الصحافة العثمانية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
مطبعة سنده ١٣٠٨ هـ - ١٨٩٠ م
محل انتشار
إسطنبول
ژانرها
اصول فقه
وُضُوحًا عَلَى الظَّاهِرِ بِمَعْنًى مِنْ الْمُتَكَلِّمِ لَا فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَصَّصْت الدَّابَّةَ إذَا اسْتَخْرَجْت بِتَكَلُّفِك مِنْهَا سَيْرًا فَوْقَ سَيْرِهَا الْمُعْتَادِ وَسُمِّيَ مَجْلِسُ الْعَرُوسِ مِنَصَّةً لِأَنَّهُ ازْدَادَ ظُهُورًا عَلَى سَائِرِ الْمَجَالِسِ بِفَضْلِ تَكْلِيفٍ اتَّصَلَ بِهِ وَمِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْإِطْلَاقِ نَصٌّ فِي بَيَانِ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ الْكَلَامُ لِلْعَدَدِ وَقُصِدَ بِهِ فَازْدَادَ ظُهُورًا عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنْ قُصِدَ بِهِ وَسِيقَ لَهُ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ لِلتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ نَصٌّ لِلْفَصْلِ مِنْ الْبَيْعِ وَالرِّبَا لِأَنَّهُ سِيقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهِ فَازْدَادَ وُضُوحًا بِمَعْنًى مِنْ الْمُتَكَلِّمِ لَا بِمَعْنًى فِي صِيغَتِهِ
ــ
[كشف الأسرار]
فِي أُصُولِ الْفِقْهِ الظَّاهِرُ اسْمٌ لِمَا يَظْهَرُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ السَّمْعِ مِنْ غَيْرِ إطَالَةٍ فِكْرَةٍ وَلَا إجَالَةِ رُؤْيَةٍ نَظِيرُهُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ قَوْله تَعَالَى، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ [النساء: ١]، وقَوْله تَعَالَى، ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ [النور: ٢]، وَذَكَرَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو الْقَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيُّ ﵀ الظَّاهِرُ مَا ظَهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا بَعِيدًا نَحْوُ الْأَمْرُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِيجَابُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ التَّهْدِيدَ وَكَالنَّهْيِ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ التَّنْزِيهَ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ عَدَمَ السَّوْقِ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ هُوَ مَا ظَهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَسُوقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ أَلَا تَرَى كَيْفَ جَمَعَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرُهُ فِي إيرَادِ النَّظَائِرِ بَيْنَ مَا كَانَ مَسُوقًا وَغَيْرَ مَسُوقٍ وَأَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْأُصُولِيِّينَ لَمْ يَذْكُرْ فِي تَحْدِيدِهِ لِلظَّاهِرِ هَذَا الشَّرْطَ، وَلَوْ كَانَ مَنْظُورًا إلَيْهِ لَمَا غَفَلَ عَنْهُ الْكُلُّ، لَيْسَ ازْدِيَادُ وُضُوحِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ بِمُجَرَّدِ السَّوْقِ كَمَا ظَنُّوا إذْ لَيْسَ بَيْنَ قَوْله تَعَالَى، ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، مَعَ كَوْنِهِ مَسُوقًا فِي إطْلَاقِ النِّكَاحِ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى، ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣]، مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَسُوقٍ فِيهِ فَرْقٌ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ لِلسَّامِعِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّوْقِ قُوَّةٌ يَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ عِنْدَ التَّعَارُضِ كَالْخَبَرَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الظُّهُورِ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لِأَحَدِهِمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ بِالشُّهْرَةِ أَوْ التَّوَاتُرِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَعَانِي، بَلْ ازْدِيَادُهُ بِأَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ مَعْنًى لَمْ يُفْهَمْ مِنْ الظَّاهِرِ بِقَرِينَةٍ نُطْقِيَّةٍ تَنْضَمُّ إلَيْهِ سِبَاقًا أَوْ سِيَاقًا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْمُتَكَلِّمِ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِالسَّوْقِ كَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا لَمْ تُفْهَمْ مِنْ ظَاهِرِ الْكَلَامِ بَلْ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ.
وَهُوَ قَوْله تَعَالَى، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، عُرِفَ أَنَّ الْغَرَضَ إثْبَاتُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فَأَنَّى يَتَمَاثَلَانِ، وَلَمْ يُعْرَفْ هَذَا الْمَعْنَى بِدُونِ تِلْكَ الْقَرِينَةِ بِأَنْ قِيلَ ابْتِدَاءً ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا مَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: ﵀ وَأَمَّا النَّصُّ فَمَا يَزْدَادُ بَيَانًا بِقَرِينَةٍ تَقْتَرِنُ بِاللَّفْظِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ ظَاهِرًا بِدُونِ تِلْكَ الْقَرِينَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ وَقَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ النَّصُّ فَوْقَ الظَّاهِرِ فِي الْبَيَانِ لِدَلِيلٍ فِي عَيْنِ الْكَلَامِ، وَقَالَ الْإِمَامُ اللَّامِشِيُّ: النَّصُّ مَا فِيهِ زِيَادَةُ ظُهُورٍ سِيقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهِ وَأُرِيدَ بِالْإِسْمَاعِ بِاقْتِرَانِ صِيغَةٍ أُخْرَى بِصِيغَةِ الظَّاهِرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، نَصٌّ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا حَيْثُ أُرِيدَ بِالْإِسْمَاعِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ دَعْوَى الْمُمَاثَلَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ بِمَعْنًى مِنْ الْمُتَكَلِّمِ لَا فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ فَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ ازْدَادَ النَّصُّ وُضُوحًا عَلَى الظَّاهِرِ لَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ فِي الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَضْعًا بَلْ يُفْهَمُ بِالْقَرِينَةِ الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِالْكَلَامِ أَنَّهُ هُوَ الْغَرَضُ لِلْمُتَكَلِّمِ مِنْ السَّوْقِ كَمَا أَنَّ فَهْمَ التَّفْرِقَةِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ لُغَةً بَلْ بِالْقَرِينَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْمُتَكَلِّمِ هُوَ التَّفْرِقَةُ وَلَوْ ازْدَادَ وُضُوحًا بِمَعْنًى يَدُلُّ عَلَيْهِ صِيغَةُ بَصِيرٍ مُفَسَّرًا فَيَكُونُ هَذَا احْتِرَازًا عَنْ الْمُفَسَّرِ.
يُقَالُ الْمَاشِطَةُ تَنِضُّ الْعَرُوسَ فَتُقْعِدُهَا عَلَى الْمَنَصَّةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ كُرْسِيُّهَا لِتُرَى بَيْنَ النِّسَاءِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣]، أَيْ مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ مِنْهُنَّ مَا حَرَّمَ كَاَللَّاتِي فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ،
1 / 47