العلم بأن أصله لما كان فرضا كان الاستكثار مندوبا إليه
وحجتنا في ذلك قوله تعالى {أنفقوا من طيبات ما كسبتم} والأمر حقيقة للوجوب ولا يتصور الإنفاق من المكسوب إلا بعد الكسب وما لا يتوصل إلى إقامة العبادة إلا به ولا يتوصل إلى إقامة الفرض إلا به يكون فرضا وقال تعالى {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} الآية يعني الكسب والأمر حقيقة للوجوب
فإن قيل قد وري عن مجاهد ومكحول رحمهما الله أنهما قالا المراد طلب العلم قلنا ما ذكرنا من التفسير مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال طلب الكسب بعد الصلاة المكتوبة هي الفريضة بعد الفريضة وتلا قوله تعالى {فإذا قضيت الصلاة} فلا يترك ذلك بقول مكحول ومجاهد رحمهما الله والظاهر يؤيد ما ذكرنا بدليل ما ذكر بعده {وإذا رأوا تجارة} الآية وكان قد انفضوا بذلك في حال خطبته فنهوا عن ذلك وأمروا به بعد الفراغ من الصلاة فإن قيل فالأمر بعد النهي يفيد الإباحة قلنا الأمر حقيقة للإيجاب ولو كان المراد هو الإباحة والرخصة لقال فلا
صفحه ۴۶