القسم الرابع: فِي الدُّف
المعتمَد من مذهبنا أنَّه حلالٌ بلا كراهة فِي عرس وختان، وتركُه أفضل، وهكذا حكمُه فِي غيرهما، فيكون مباحًا أيضًا على الأصحِّ فِي "المنهاج" وغيره، وقال جمعٌ من أصحابنا: إنَّه فِي غيرهما حرام، وقال آخرون من أصحابنا المتأخِّرين: إنه فيهما مستحب، وبه جزم البغَوِيُّ فِي "شرح السنة" فقال: إعلان النكاح وضرب الدُّفِّ فيه مستحبٌّ، والدليل عليه قوله ﷺ: «فصْل ما بين الحلال والحرام الضَّرب بالدُّفِّ»؛ حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن حبان وغيره (١).
وفي روايةٍ سندُها ضعيفٌ من سائر [ز١/ ١٨/ب] طرقها (٢): «أَعْلِنُوا بالنِّكاح» (٣)، قال شيخ الإسلام: ادَّعى الكمال جعفر الأُدْفوي فِي كتابه " [الإمتاع] (٤) في أحكام السماع" (٥) أنَّ مسلمًا أخرج هذا الحديث،
_________
(١) أخرجه أحمد (٤/ ٢٥٩)، وابن ماجَهْ (١٨٩٦)، والترمذي (١٠٨٨)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٣١) (٥٥٦٢)، والمجتبى (٦/ ١٢٧)، والطبراني في "الكبير" (١٩/ ٢٤٢)، والحاكم (٢/ ٢٠١)، والبيهقي (٧/ ٢٨٩)، من حديث محمد بن حاطب ﵁ وقال الحاكم: حديث صحيح، وقال الترمذي: حديث محمد بن حاطب حديث حسن، وضعَّفَه ابن حجر في "الفتح" (٩/ ٢٢٦). ولم أقفْ عليه في "صحيح ابن حبان".
(٢) في نسخة مصطفى البابي الحلبي زيادة هذه الجملة على المخطوط والكلام يستقيم بدونها وهي: «أعلنوا بالنكاح واضربوا عليه بالغربال» يعني الدُّفّ نعم صح.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٥)، والطبراني في "الكبير" (قطعة من المفقود من الجزء الثالث عشر)، والبزار (٦/ ١٧١)، وصحَّحه ابن حبان (٩/ ٣٧٤ رقم ٤٠٦٦)، والحاكم (٢/ ٢٠٠) من حديث عامرِ بن عبدالله بن الزبير عن أبيه بلفظ: «أعلِنُوا النِّكاح»، وقال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٩٠) رجال أحمد ثقاتٌ؛ وابن ماجَهْ (١٨٩٥)، والترمذي (١٠٨٩)، من حديث أم المؤمنين عائشة بلفظ: «أَعلِنُوا النِّكاح واضرِبُوا عليه بالغربال»، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال ابن حجر في "الفتح" (٩/ ٢٢٦): سنده ضعيف.
(٤) في (ز٢): (الإشاع)، وفي المطبوع و(ز١) (الإسماع)، والصواب (الإمتاع) والتصويب من التلخيص الحبير.
(٥) الأُدْفوي: جعفر بن تغلب بن جعفر بن تغلب كمال الدين أبو الفضل الشافعي المؤرخ الأُدْفوي بضم الهمزة وسكون الدال المهملة بلد بصعيد مصر، له من التصانيف: "البدر السافر وتحفة المسافر" في الوفيات، "الطالع السعيد في تاريخ الصعيد" وقيل: "الطالع السعيد الجامع لأسماء الفضلاء والرواة بأعلى الصعيد"، "الإمتاع في أحكام السماع" ومات الأُدْفوى بالطاعون سنة ٧٤٩ هـ، "هدية العارفين" (١/ ١٣٦)، و"كشف الظنون" (١/ ١٦٧).
1 / 77