القسم الثالث: فِي قراءة القرآن بالألحان
اختلف كلام الشَّافِعِي ﵁ فقال مرَّة: لا بأسَ بها، وقال مرَّة: إنها مكروهةٌ، قال جمهور أصحابه: ليست المسألة على قولَيْن: بل المكروه أنْ يُفرِط فِي المدِّ، وفي إشباع الحركات حتى يتولَّد من الفتحة ألفٌ، ومن الضمَّة واو، ومن الكسرة ياء، أو يدغم فِي غير مَوضِعِ الإدغام، فإنْ لم يصل إلى هذا الحدِّ فلا كَراهة، وفي وجهٍ أنَّه لا يكره وإنْ أفرط، هذا كلام الرَّافِعِي، زاد فِي الروضة قلت: الصحيح أنَّه إذا أفرَطَ على الوجه المذكور فهو حَرامٌ، صرَّح به صاحب "الحاوي" فقال: هو حَرامٌ يفسق القارئ ويأثم المستمع؛ لأنَّه عدَل به عن نهجه القويم، وهذا مُراد الشَّافِعِي - رحمه الله تعالى - بالكراهة، ا. هـ (١).
وعبارة "الحاوي" التي أشارَ إليها: القِراءةُ بالألحان الموضوعة للأغاني اختُلِف فيها؛ فرخَّص فيها قومٌ وأباحوها؛ لما ذكرنا من الخبر، وشدَّد آخَرون وحظروها؛ لخروجها إلى اللهو والطرب، ولأنها خارجةٌ عن عُرف رسول الله ﷺ وصحابته إلى ما استُحدِث من بعده، وقد قال ﷺ: «كلُّ محدثةٍ (٢) بدعةٌ، وكلُّ بدعة ضلالةٌ، وكلُّ ضلالة في النار» (٣).
_________
(١) "روضة الطالبيين" (١١/ ٢٢٨).
(٢) في (ز١): مستحدث.
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٣١٠)، ومسلم (٨٦٧)، وابن ماجَهْ (٤٥)، والنسائي (٣/ ١٨٩)، من حديث جابرِ بنِ عبدالله ﵄.
1 / 69