قاله عكرمة، وحَكاه أبو العباس القرطبي عن ابن عباس ﵄ قال: وقال مجاهد: هو الغناء بلغة أهل اليمن (١).
قال الأذرعي: وقد أوضحت فِي كتابي "غنية المحتاج فِي شرح المنهاج" (٢) من حجج القول بالتحريم أو الكراهة الشديدة والرد على المبيحين للغناء والمتساهلين فيه ما ينشرح له القلب المنور باتِّباع السنَّة، الخالي من البدعة والأهوية الحيوانيَّة، وممَّا يدلُّ على ذمِّه وذمِّ متعاطيه من المتَّفق على صحَّته قوله ﷺ: «مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ»، وفي رواية: «شيئًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ» (٣).
قال أبو العباس القرطبي: وجْه الدليل أنَّ الغناء المطرب لم يكن من عادة النبي ﷺ ولا فُعِلَ بحضرته ولا اتَّخذ المغنِّين ولا اعتنى بهم، فليس ذلك من سِيرته ولا سِيرة خُلَفائه من بعده ولا من سِيرة أصحابه ولا عترته، فلا يصحُّ بوجهٍ نسبتُه إليه ولا أنَّه من شريعته، وما كان كذلك فهو من المُحدَثات التي هي بدعةٌ وضلالة، وقد يتعامى عن ذلك مَن غلب عليه الهوى، وقد صحَّ عن النبي ﷺ أنه قال «[كُلُّ] لهوٍ يَلهُو به الرجلُ فهو باطلٌ إلا رميَه بقَوسِه، وتَأدِيبَه لفرَسِه، ومُلاعَبتَه أهلَه» (٤).
_________
(١) "الجامع لأحكام القرآن" (١٧/ ١٢٣).
(٢) "غنية المحتاج في شرح المنهاج": هو كتاب شرح فيه "منهاج الطالبين"؛ للنووي في نحو عشر مجلدات (هدية العارفين (١/ ٦١) للبابي).
(٣) متفق عليه: البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨) من حديث أم المؤمنين عائشة ﵂.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٥١٣)، والنسائي (٦/ ٢٢٢)، وابن الجارود في "المنتقى" (١٠٦٢)، وأبو عوانة (٤/ ٥٠٤)، والحاكم (٢/ ١٠٤)، والبيهقي (١٠/ ٣) من طريق خالد بن زيد، عن عقبة بن عامر؛ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه، لكن قال المناوي في "فيض القدير" (٢/ ٢٩٩): فيه خالد بن زيد، قال ابن القطان: وهو مجهول الحال، فالحديث من أجله لا يصحُّ.
1 / 48