حكمةً أو مباحًا، ولم يكن فيه فُحش ولا خنا ولا أذًى لمسلم (١)، وقال غيره: وما زال العلماء قديمًا وحديثًا على إيداع أشعارهم تلك التشبيهات والاستعارات فِي [الخمر] (٢) وغيرها، حتى حكَى البدر الزركشي عن الشيخ الإمام أبي إسحاق الشيرازي وناهيك به زهدًا وعلمًا أنه أنشد بعض الرؤساء:
ذَهَبَ الشِّتَا وَتَصَرَّفَ البَرْدُ = وَأَتَى الرَّبِيعُ وَأَقْبَلَ البَرْدُ
فَاشْرَبْ عَلَى وَجْهِ الحَبِيبِ بِهِ = صَهْبَاءَ لَيْسَ لِمِثْلِهَا رَدُّ
فقال [له] (٣) ذلك الرئيس: أدام الله أيَّام مولانا الشيخ قد أبحتَ الخَمْر! فقال: إنما أردت خمر الجنَّة، وروى الدارقطني والحاكم والبيهقي أنَّه ذكر عند رسُول الله ﷺ الشِّعر، فقال: «هو كلامٌ حسنُه حسنٌ وقبيحُه قبيحٌ» (٤).
وقد جمَع الإمام الطبراني جُزءًا حافِلًا فِي غزل التابعين وتابِعِيهم، وذكَر هو وغيره عن جماعةٍ كثيرين من الصحابة أنهم سمعوه ولم يُنكِروا، وللقاضي شريح والزبير بن بكَّار فِي زوجتَيْهما، وعبدالله بن المبارك فِي سريَّته من
_________
(١) "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"؛ لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر النمري (٢٢/ ١٩٤) ط وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب.
(٢) في (ز٢): في الهمز.
(٣) في (ز١): لا.
(٤) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٨٦٥)، والطبراني في "الأوسط" (٧٦٩٦)، والدارقطني في "السنن" (٤/ ١٥٦) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ﵄ وقال الهيثمي في "المجمع" (٨/ ١٢٢): إسناده حسن، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (١٠/ ٥٣٩): سنده ضعيف، وأخرجه أبو يعلى في "المسند" (٤٧٦٠) والدارقطني في "السنن" (٤/ ١٥٥)، والبيهقي (١٠/ ٢٣٩)، من حديث أم المؤمنين عائشة ﵄ وقال الهيثمي (٨/ ١٢٢): فيه عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثَّقه دحيم وجماعة، وضعَّفَه ابن معين وغيره، وبقيَّة رجاله رجالُ الصحيح، وقال ابن حجر في "تلخيص الحبير" (٤/ ٢٠٣): فيه عبدالعظيم بن حبيب، وهو ضعيف.
1 / 33