5
وجمدت كالصنم، ولكن كانت قد حانت مني التفاتة إليه لما بدأ بالقول فسبقته بالنظر؛ ولذا تمكنت من مجاوبته، فقلت بقليل من الرعشة):
س :
لا تقس علينا يا ثراسيماخس، وإذا كنا أنا وبرليمارخس قد أخطأنا في بحثنا فكن موقنا أن ذلك لم يكن تعمدا، ولا يبرحن فكرك أننا لو كنا نبحث عن الذهب لما تساهل أحدنا مع الآخر مستسلما فضل عن العثور عليه، فأرجوك أن لا تظن أننا ونحن نبحث في العدالة - وهي أثمن كثيرا من شذور الذهب - نكون أقل دقة في تمحيص الآراء بغية إدراك الحقيقة، ويمكنك أن تعلم يا صديقي أن الموضوع فوق طوقنا؛ فنحن بإشفاق حصيف نظيرك أجدر منا بملامه وتعنيفه. (فقهقه ثراسيماخس أوقح قهقهة لما سمع جوابي وقال):
ث :
يا لهرقل! إنها إحدى مظاهر الاتضاع التهكمي المتمكنة من نفس سقراط، ولقد عرفت ذلك فيك وقلته لمن حولي، أعني أنك لا تجيب عن مسألة البتة إذا سئلت، بل تتجاهل.
س :
أنت حكيم يا ثراسيماخس، وتعلم جيدا أنك لو سألت أحدا: كم هي أضلاع العدد اثني عشر، وقلت له حذار أن تقول إنها ضعفا الستة، أو ثلاثة أضعاف الأربعة، أو أربعة أضعاف الثلاثة، وقلت له إنك لا تقبل منه هذه السخافات، فإني أجرؤ على القول إنك تعلم أن لا أحد في الدنيا يجيب عن سؤال مقدم على هذه الصورة. فإذا قال لك المسئول: يا ثراسيماخس، أوضح فكرك؛ أيمكنني أن أجيب بغير ما ذكرت؟ أو أن أجيب بغير الحق؟ وإلا فماذا تعني؟ فبماذا كنت تجيبه؟
ث :
لو أن هذه كتلك لأجبت، ولكن أين هذا من ذاك؟
صفحه نامشخص