الرب يستهزئ بهم، وحينئذ يتكلم عليهم بغضبه ويرجفهم بغيظه. أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي.
إنني أخبر من جهة قضاء الرب.
فالضحك هنا يترجم عن حالتين متناقضتين: إحداهما غرور ظاهر بالقوة، والأخرى حقيقة هذا الغرور العاجز الذي لا قبل له بما يدعيه.
والاختلاف بين هاتين الحالتين هو مثار الضحك مجازا بالنسبة للإله، وحقيقة بالنسبة إلى الإنسان.
وجميع ما ورد في العهد القديم عن الضحك فإنما يفهم الضحك فيه بمعنى الاستهزاء والسخرية إذا كان من المنكرين، وبمعنى الاستغراب والدهشة إذا كان من المؤمنين.
وجميع هذه الشواهد ينحى على المستهزئين؛ لأنهم يستكبرون ولا يصدقون، فهم يستهزئون بالأنبياء لأنهم يرونهم بأعينهم مدعين القدرة ظاهرا وعلى غير شيء في الباطن، والأنبياء يستهزئون بهم؛ لأنهم يرون الحقيقة معكوسة من جانبهم على أولئك المنكرين المستكبرين، فهؤلاء المنكرون المستكبرون هم الذين ينتفخون على هواء، ويرى النبي صورتهم المنتفخة وصورتهم الخاوية فيرى منهم تناقضا يوحي بالاستهزاء، ولا سيما حين يغتر أصحابه فيستهزئون بالعارفين.
ففي سفر أشعيا يقول النبي عن الأمراء والسادة: «اسمعوا كلام الرب يا رجال الهزء، ولاة هذا الشعب الذي في أورشليم.»
وفي «الأمثال» من الإصحاح الأول كلام عن ضحك الشماتة والاستهزاء يقول فيه صاحب السفر: «إني دعوت فأبيتم ومددت يدي وليس من يبالي، بل رفضتم كل مشورتي ولم ترضوا توبيخي، فأنا أيضا أضحك عند بليتكم، أشمت عند مجيء خوفكم.»
وليس أكثر في كتاب «الأمثال» من الإشارة إلى الاستهزاء بمعنى الكبرياء والغرور والجهالة، ومن الإشارة إلى جزاء المستهزئ وأثره السيئ في قومه وحكمة تأديبه لينتفع الحمقى بعبرته ويزدجروا بالنظر إلى مصيره.
قال: المستهزئ يطلب الحكمة ولا يجدها.
صفحه نامشخص