الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه جزيرة جربه المشهورة بالزيت والزبيب والرطب والتفاح والأكسية الملاح، وهي في شرقي قابس، وبينها وبين البر مجاز ضيق يعبر بالزوارق، وبين هذا المجاز وقابس مرحلة، وطول هذه الجزيرة مرحلة وسكانها خوارج. وفي شماليها جزيرة لبدوشيه وهي خالية تأوي إليها المراكي وتسقي منها الماء، وفي شماليها تقع صقلية. وفي شرقي جربه وجنوبها يقهقر البحر إلى الشمال حتى تكون مدينة طرابلس المشهورة، وعليه حيث الطول ثمان وثلاثون درجة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وفي شرقيها على مرحلتين جبل نفوسه المتصل بجبل دمر وما يتصل به من الجبال إلى جبل درن الذي يدخل في البحر المحيط، وطوله ستة أيام، وعرضه ثلاثة أيام، وفيه مدن وعمائر وخلق كثير ومياه وخصب، ومنه تمتاز طرابلس بأنواع من الخيرات حتى الخضر والفواكه، وفيه الزيتون والزيت والزبيب والتمر. ويتصل به جبال إلى أن ينقطع في شرقي مدينة لبده الخراب، وآثار هذه المدينة من الرخام والحجارة الهرقلية تشهد بحالها المتقدم. وهي على البحر حيث الطول تسع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض مقارب لعرض طرابلس. ومجالات دياب من حد قابس إلى بير السدرة من برقة. وبعد لبده يأخذ البحر في الدخول إلى الجنوب، وعلى ساحله هنالك عمائر لبطون من هواره تحت خفارة دياب. وعلى الجملة فإذا فارقت طرابلس لا تلتقي مدينة فيها حمام ولا خباز إلى أن تصل إلى الإسكندرية. وفي آخر صعود البحر إلى الجنوب يكون قصر أحمد وهو آخر حد إفريقية حيث الطول إحدى وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض مع خط الإقليم الرابع، وفي عرضه قصور مسراته وهي تمتد اثنا عشر ميلًا على زيتون ونخيل، وأهلها من هوارة تحت خفارة دياب، ولهم غرام بحمل الخيل إلى الإسكندرية، ويجد منهم الحجاج في تلك الطريق الشاق معونة. فأول ما يلقاك من حد برقة جون رديق المذكور وما بعده قد ذكر في الإقليم الثالث. شورقيه بير السدرة، أول مجالات العرب إلى العقبة الصغيرة من أرض الإسكندرية. وتقع في دخلة البر بين جون رديق ورأس التين طلميته، وهي فرضة مشهورة هنالك وبها قصر فيه اليهود الذين تحت خفارة العرب.
1 / 38