فصل: ولنرجع إلى السنة الأولى من قيامه -عليه السلام- وهي سنة تسع وعشرين وألف(1)، فإنه لما كاد الطعام في شهارة المحروسة بالله يكمل، وقد مات عالم من الناس وفضلاء، وكان زمن شدة شديدة رجح -عليه السلام- استقراره في الهجر ليصل إليه من بلاد صعدة ما يصل، والعسكر لإصلاح الطريق على العادة المتقدمة تدخل مع القوافل إلى نصف الطريق، وتلقاها من صعدة مثلها ويستدعى من المغارب ما يقوم بمن التاث إليه من طبقات المسلمين وهو على العادة الأولى(2) يؤثرهم وينوع النظر في قوامهم، ولقد كان ينفق الموجود من الطعام المصنوع وهو كثير جدا ثم يوفي بالدقيق ثم الطعام والزبيب ثم يقترض الدراهم ويفرقها في القوت.
ووصله في هذه الأيام إلى الهجر جماعة من ألفاف العرب الذين سجنهم سنان لا رحمه الله في البحر فمنهم من له في السجن عشرون عاما، ومنهم أكثر وكانوا يسمرونهم إلى الخشب في المراكب، ويسخرونهم في المهن الدنية في السواحل، وعليهم أمير في البحر يسمونه القبطان، فلما طال عليهم تمالوا عليه وقتلوه، وأصحابه بسلاحهم على حين غفلة، وكان أول من قتلوا أميرهم، ثم أخرجوا المركب إلى بعض السواحل غير المعتادة في تهامة، ولما صاروا في البر تفرقوا ووصلوا إلى الإمام -عليه السلام- وأكثرهم ممن في صلح الإمام -عليه السلام- من الزيدية، فأحسن إليهم وأقرهم وقال لمن لم يكن في صلحه احفظ نفسك وكذا مما تحرج به من عهدة الصلح مع أنه قال -عليه السلام- إن المحابيس من أهل بلاده مشروط إخراجهم من الحبس.
صفحه ۱۴۳