... قال مولانا السيد شيخ باعلوي في ديباجة كتابه ((العقد النبوي)): ((الحمد لله الذي اختص أهل البيت المطهرين من الأرجاس والأدناس، المتميزين على من سواهم من الناس بكل فضل وكرم وبأس، بخصائص تنقطع دونها أعناق الرجال مطالع أهل الالتباس، مزايا لا يشق لها غبار، ولا يلحق لها آثار، عند توجهها إلى الغايات، واشتياقها في جلية الكمالات، حتى وقف من سواهم عن التطاول إلى شيء من معاليهم، وأقامت القواطع بأنهم الواصلون إلى غاية الآمال حتى مواليهم. فمن ذلك ما أشار إليه مشرفهم - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - بقرنهم مع القرآن في وجوب التمسك بهما، وأنهما لا يفترقان كتوقف صحة الصلاة على الصلاة عليهم عند جمع من العلماء الأعيان، وكونهم كسفينة نوح - عليه الصلاة والسلام - من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك، فالحذر الحذر أن تكون ممن في هذه الداهية الدهياء قد ارتكبت. ولقوله تعالى: ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) الدالة على شرف لا تبلغ غايته الأفهام، وكقوله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-: ((كل سبب ونسب وحسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وحسبي)) وكقوله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-: (( إن لكل نبي أبا وعصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم، وهم عترتي، وخلقوا من طينتي، ويل للمكذبين بفضلهم من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله)). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أنتظم بها في سلك محبتهم، وأحشر بها معهم في زمرتهم؛ لأن من أحب قوما فهو معهم، وإن لم يعمل بعملهم، كما قاله الصادق مشيرا إلى تعاظمهم وتعاليهم، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله وحبيبه، وصفيه، وخليله؛ الذي فضله على سائر مخلوقاته -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-، وعلى آله الذين حباهم بقربه الأعظم ونسبه الأشرف الأكرم وأتحفهم بما من غير جهته لا يعلم، وهو ما فيهم من البضعة الكريمة، والدرة الجوهرة الثمينة، وعلى أصحابه الذين نقلوا إلينا سنته، وعلى التابعين وتابعيهم من بذكرهم ينزل الله تعالى رحمته إلى أن قال: ولا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت إلا في الدار الآخرة فإنهم يحشرون مطهرين مغفورا لهم. وأنشد القيراطي وما أحلى ما قال:
شرف الله طيبة بنبي ... منه طابت عناصر الشرفاء
حاز فضلا آباؤه وبنوه ... فهو فخر الآباء والأبناء
... ثم قال: وللوسائل حكم المقاصد، ومن هنا قالوا: الوسائل المعنى : هي الوسائط للوصول إلى المطالب، وهي الشفاعة، كما قال:
على الله في كل الأمور توكلي ... وبالخمس أصحاب العباء توسلي
محمد المبعوث وابنيه بعده ... وفاطمة الزهراء والمرتضي علي
... وقال العلامة ابن حجر في خطبة عقد نكاح ابنته على الإمام عبد الله بن عبد المعطي الطبراني بعد ذكر الأئمة الطبرية، وكيف لا وهم من خلوصة الجرثومة الهاشمية، وعصابة التنزلات المصطفوية، والعترة الطاهرة من كل دنس تطهيرا، أي تطهير، والمفروضة محبتهم، ومودتهم على كل جليل وحقير.
يا آل بيت رسول الله حبكم ... فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم ... من لم يصل عليكم لا صلاة له
... والمقرنين بالقرآن العظيم، في أمن العالم بهما ما داما باقيين من كل خطب جسيم، ومد لهم بهم والمخصوصين لما فيهم من البضعة الكريمة، والدرة اليتمية التي لا يوازي شرفها شرف، ولا يلحق رفيع شأوها سلف، ولا خلف، بأنهم الأغرة في كل زمن، والمفروغ لهم عند ترادف الفتن، وتكاثف المحن.
... وما ألطف ما قال:
صفحه ۷۵