... خرج إليها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وغسل رأسه منها بالسدر يوم الجمعة، وصب غسالة رأسه، ومراقة شعره فيها، وهي قريبة من البقيع على يسار الطريق السالك إلى قباء في حديقة موقوفة على الفقراء، وهي ما بين النخيل، وقد هدمها السيل، وطمها، ثم عمرت، والماء فيها أخضر، وإذا انفصل منها فهو أبيض.
... طولها أحد عشر ذراعا، منها ذراعان في الماء، وعرضها تسعة أذرع، وهي مبنية بالحجارة، حلوة الماء، طيبته، وفي الحديقة بئر أخرى في قبلتها أصغر منها، رجح بعضهم الكبرى، واختار بعضهم الصغرى.
... بئر حاء:
... قال المجد: هي بئر قريبة الرشا، ضيقة الفناء، طيبة الماء، وقد أفرد لها بعضهم مصنفا، وفي ((الدرة الثمينة)): في الصحيح من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان أبو طلحة أكثر أنصاري المدينة مالا من نخل، وكانت أحب أمواله إليه بئر حاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان عليه وعلى آله الصلاة والسلام يدخلها، ويشرب من مائها، فلما نزل قوله تعالى: ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) [سورة آل عمران: 92] أتى أبو طلحة إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا رسول الله! إن الله تعالى يقول: ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) وإن أحب أموالي إلي بئر حاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله تعالى، فضعها يا رسول الله! حيث أراك الله تعالى. فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-: ((بخ، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين))، فقال أبو طلحة: أفعل فقسمها في أقاربه، وبني عمه. قال في ((الوفاء)): وكان منهم أبي بن كعب، وحسان بن ثابت، فباع حسان حصته من معاوية بن أبي سفيان، فقيل له: تبيع صدقة أبي طلحة؟! فقال: ألا أبيع صاعين من تمر بصاع من دراهم.
صفحه ۶۸