تاهت الألباب فيك فما ... ميزت وردا من الصدر ... فذلك لا عرف الإجابة ، ولا باعث له على الزيارة إلا الضيق، والشكاية من أمر المعاش، والمضائق الدنيوية، وفضل الله تعالى أوسع، ورحمته وسعت كل شيء، وكمال شفقته سيدة المزور، معروف حيث سبقت له العناية بترتيب المقدمة، فسوف ينتفع بتفصيل النتيجة عند كشف غطاء البشرية، وإما أن تكون من الفرقة التائهة الجائرة المنكرة للروية، واللقاء دنيا وعقب، فلا لكلام لنا معه، حيث حرم ما فاز به غيره في هذا النشأة معجلا، وإن كان المطلوب ومن حيث لا يعلم، كما قيل:
رب أمر نحو الحقيقة ناظرا ... برزت له فيرى وينكر ما يرى
... وربما تأول نص التنزيل بقياس عقله على مقياس رأيه في نقله، فبعد عن المرام، وتاه في مهامه الكلام؛ لأن هذا الوجدان، والإدراك البسيط السري التصوري، واليقين المركب الإيمان الاستحضاري القلبي، المسمى بالإحسان المشار إليه ((بكأنك تراه)) في هذه النشأة الجامعة، خصوصا في حضرته-صلى الله عليه وآله وسلم-بكمال ذاته المقدسة أبدا يصير رؤية أخروية تفصيلية، ومشاهدة جلية مناسبة لتلك النشأة النورية النزيهة عن أعراض هذه النشأة، والجواهر المكتنفة بها، وإنما حبس المتأول بالشبه، ثم من الله تعالى على هذه الأمة المرحومة بآية أخرى، تدل بصريحها على سعة الرحمة على العبد أينما كان، فقال جل وعلا: ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما )[سورة النساء: 110].
صفحه ۵۳