... والثاني: العلم الحصولي للإنسان العاقل تصورا، وتصديقا بما خرج عن ذاته بطريق التمثل الصوري، أعني: ارتسام صور الأشياء في القوة المفكرة، فحصل من ذلك أن المعارف المتحقق جامع بين الوجدان السري البسيط أن الله تعالى هو الباعث للعبد، التواب عليه، الجائي به إلى الزيارة، أو القاصد تشويقا ومحبة: أينما كان بالتوبة، والإيمان لكل مؤمن إن كان متوجها إليه من سائر الآفاق إيمانا أولا، واستحضارا نجيا. ثانيا: لأنه لا يؤمن إلا بإذن الله تعالى، خصوصا بالزيارة للزائر، وبين التصديق اليقيني الشهادي أن العبد المؤمن الزائر مظهرا سمة التواب من قوله تعالى: (ثم تاب عليهم ليتوبوا) [التوبة: 118] والحبيب المزور صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ( بالمؤمنين رءوف رحيم ) [التوبة: 128]. بالنص.
... فالمؤمن المتحقق بالوجدانين له علم بسيط متعلق بذاته سبحانه وتعالى وصفاته، ويشاركه فيه جميع الأشياء المسبحة بحمده، وله فضل علم، أعني: التصديق اليقيني المتعلق بأحكام الله تعالى وأفعاله، المترتب بعضها على بعض، وهو مناط الثواب، ورفع الدرجات. وأما الزائر الفاقد، فإما أن يكون غيبيا لا يدري الزائر، والمزور، ولا تحقق رد المزور سلامه عليه فضلا عن تحقق سلام المزور قبل سلام الزائر، كما قال: (وإذا جآءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلم عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ) [سورة الأنعام: 54]. فهو كما قال وما أحلى ما قال:
صفحه ۵۲