جواهر البلاغه
جواهر البلاغة: في المعاني والبيان والبديع
ناشر
المكتبة العصرية
محل انتشار
بيروت
ژانرها
(١) أي فصار المقام مظنة للتردد والطلب - وان لم يتردد المخاطب، ولم يطلب بالفعل، وذلك لأنه تكاد نفس الذكي إذا قدم لها ما يشير إلى جنس الخبر أن تتردد في شخص الخبر، وتطلبه من حيث أنها تعلم أن الجنس لا يوجد إلا في فرد من أفراده فيكون ناظرًا إليه بخصوصه كأنه متردد فيه كنظر السائل - فقوله - ولا تخاطبني يشير إلى جنس الخبر وانه عذاب - وقوله إنهم مغرقون - يشير إلى خصوص الخبر الذي أشير إليه ضمنا في قوله ولا تخاطبني - وكقول الشاعر. ترفق أيها المولى عليهم فأن الرفق بالجاني عتاب فالأصل - أن يورد الخبر هنا خاليا من التوكيد، لأن المخاطب خالي الذهن من الحكم، ولكن لما تقدم في الكلام ما يشعر بنوع الحكم أصبح المخاطب متشوقا لمعرفته فنزل منزلة السائل المتردد الطالب، واستحسن القاء الكلام إليه مؤكدا، جريا على خلاف مقتضى الظاهر. (٢) وفائدة التنزيل وجوب زيادة التأكيد قوة وضعفا، لأنه نزل المتردد منزلة المنكر، فيعطي حكمه حينئذ، وهكذا تفهم في عكسه وهو تنزيل المنكر منزلة المتردد في استحسان التوكيد له، واعلم أنه إذا التبس اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر باخراجه على مقتضى الظاهر يحتاج إلى قرينة تعين المقصود أو ترجحه - فإن لم توجد قرينة صح حمل الكلام على كل من الأمرين - وذلك كجعل السائل كالخالي، وجعل المتردد كالمنكر، فإن وجدت قرينة عمل بها، والا صح الحكم بأحدهما.
1 / 59