وقال علي كرم الله وجهه في الجنة في كلامه لكميل بن زياد: (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا، أو خاملا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا! وأين أولئك؟ أولئك والله الأقلون عددا، والأعظمون قدرا، يحفظ الله حججه وبيناته بهم حتى يودعها نظراءهم...) إلى آخر كلامه عليه السلام.
وذهب أئمة العترة "، والمعتزلة وغيرهم إلى مثل ما ذكرته، إلا الإمام يحيى [بن حمزة] عليه السلام فإنه قال: (يجوز خلو الزمان من المجتهد)، وإلى مثل قوله ذهب الأشاعرة وأكثر الفقهاء، وهم محجوجون بما تقدم ونحوه من الحجج، ولأن ذلك يؤدي إلى تزلزل قواعد الدين، وإلى إجماع الأمة في ذلك العصر على الجهل بمعرفة كتاب الله وسنة رسوله، وأدلة ثبوت الإجماع تمنع من ذلك؛ لأن الجهل بمعرفة كتاب الله وسنة رسوله ضلال، بدليل قوله تعالى: {ووجدك ضالا فهدى}[الضحى:7]، أي جاهلا لشرائع الله سبحانه، وقوله تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام: {قال فعلتها إذا وأنا من الضالين}[الشعراء:20] أي من الجاهلين للشرائع، وقد قال صلى الله عليه وآله: ((لن تجتمع أمتي على ضلالة))، وقال صلى الله عليه وآله: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين))، ونحو ذلك حتى تواتر معنى وأفاد العلم قطعا.
فإن قيل: فعلى هذا يلزم أن كل من لم يكن مجتهدا فهو ضال!
صفحه ۶۱