قلت وبالله التوفيق: إن اجتمعوا كلهم على خبر ذلك الواحد فاجتماعهم هو القاضي بصحته إذ لا يجتمعون على ضلالة، ولم يجتمعوا إلا بعد أن حصل للمعتمد عليه منهم العلم بصحته، إما بقرينة أو موافقة كتاب الله سبحانه وتعالى لأن الأدلة قاضية بوجوب العمل بالعلم في ذلك، كما مر ذكره من نحو قوله تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}[البقرة:169]، وقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}[الإسراء:36]، ونحو قوله تعالى: {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}[النجم:28]، ولا شك أنهم أعلم بذلك منا، وإن كان بعضهم قبله بغير قرينة توصل إلى العلم فلا حجة فيه علينا.
فإن قيل: إن ذلك يلزم منه الدور، وذلك أنه لا يكون حقا حتى يجمعوا عليه ولا يجمعوا عليه حتى يكون حقا، وإلا لم يجمعوا عليه إذ لا يجتمعون على ضلالة!
قلت وبالله التوفيق: لا نسلم لزوم الدور؛ لأنهم قد علموه حقا بالقرينة كما مرت الحجة على ذلك؛ ولأن الإجماع إنما هو مبين لما قد كان حقا، لا أنه لم يكن حقا إلا بعد أن حصل الإجماع على قبوله، ألا ترى أن كل ما أجمع عليه قد كان حقا عند نزول الوحي به؟! وقبل أن يجمع عليه فكذلك هذا.
وأما طلب السائل لإزالة ما يرد على أجوبة مسائله.
صفحه ۵۴