جواب منتخب
مجموع الإمام القاسم بن محمد عليه السلام (القسم الأول)
ژانرها
وقد يكون سبب المحبة من الله سبحانه كمحبة ما جبل عليه من الأكل والشرب والنكاح وغيرها، فهذه المحبة لا يحس الأمر بها ولا النهي عنها ولا يستحق عليها عقاب ولا ثواب؛ لعدم التمكن من تحصيل السبب ومن تجنبه فتأمل ذلك ولا تستبعده، فإن له نظائر كما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في عهده للأشتر حيث قال: (فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله سبحانه) [فذكر عليه السلام أن تلك غرائز، وأن سببها سوء الظن بالله سبحانه وتعالى]، ولهذا حس النهي عنها والعقاب عليها لما كان صاحبها متمكنا من تحصيل سببها ومن تجنبه وهو سوء الظن بالله سبحانه.
فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة}[الروم:21]؟
قلت وبالله التوفيق: إنه سبحانه يجعل أسباب المودة كالشباب والحسن ونحوهما كجعله للنار التي هي سبب لحس حراراتها وأنت متمكن من مقاربة ذلك، ومن قطع العلائق بينك وبينه ضرورة.
فإن قيل: فما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها))؟
قلت وبالله التوفيق: لا شك أن القلوب مجبولة على ذلك كما أن الأجساد مجبولة على حس حرارة النار وحس برودة الثلج وذلك لا ينافي الاختيار كما تقدم تحقيقه.
صفحه ۲۰۵