جواب منتخب
مجموع الإمام القاسم بن محمد عليه السلام (القسم الأول)
ژانرها
[معرفة أسباب المحبة]
وقول السائل: حيث لم يحدث الله في قلبه المحبة تصريح بأن المحبة من فعل الله وذلك باطل؛ لأنها لو كانت من فعل الله لم يحسن الأمر بها لله ولرسوله وللمؤمنين، والنهي عنها لمن حاد الله ورسوله، ولا كان يستحق بها ثواب ولا عقاب كما لا يستحقان بالطول والقصر، قال الله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}[الشورى:23] وهذا بمعنى الأمر يستحق ممتثله الثواب، وقال تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...}[المجادلة:22] الآية، وهذا بمعنى النهي يستحق مخالفه العقاب.
فإن قيل: إن المحبة قد لا يمكن دفعها كمحبة الزوجة، ولو كانت من فعل الإنسان أمكنه دفعها.
قلت وبالله التوفيق: إن المحبة تتولد في القلوب من أسبابها فمتى حصل السبب حصلت، ومتى انتفى انتفت فهي كالحرارة المحسوسة المتولدة بمقاربة النار وكالبرودة المحسوسة المتولدة بمقاربة الثلج، والإنسان متمكن من تحصيل المحبة بتحصيل سببها كتمكنه من تحصيل حس حرارة النار بتقريبها، ومن حس برودة الثلج بتقريبه، ومتمكن من ترك المحبة بترك سببها كتمكنه من ترك حس حرارة النار بتجنبها، ومن ترك حس برودة الثلج بتجنبه، وقد يكون السبب من الله فلا يقدر على دفعه كالمعذبين في النار وفي الزمهرير.
ومحبة الزوجة قد يتمكن الإنسان من تركها بقطع العلائق بينه وبينها ولو لم يكن إلا بأن لا يعرفها.
صفحه ۲۰۴