ألا ترى أنا لو قسمنا هذه الزكاة على أهلها، في وقت الحاجة حاجة الإسلام والمجاهدين إليها، ونزول الخصاصة بالمدافعين عن أهلها، فافترقوا عنا، وانتزحوا من قربنا؛ فوقع الضعف على الإسلام والمسلمين؛ لما وقع من الخصاصة بالمجاهدين، وقوي بذلك أهل الضلال من المضلين؛ ففسد أمر الرعية، واختلفت أحوال البرية، ووقع الضياع عليهم، وكثر الجياع، واختلفت أمورهم، وساءت أحوالهم، وشح بالمعروف أغنياؤهم؛ فهلك لذلك فقراؤهم،، وخافت سبلهم، وخربت أموالهم، وظهر عليهم أعداؤهم؟
وإن نحن رددنا زكاة الأمصار؛ على المجاهدين والأنصار؛ دون أهلها من هذه الأصناف المذكورة، ووقت(1) ما تنزل بالمجاهدين الحاجة والضرورة؛ قوي الحق، وضعف الفسق، وعاش في الدار المستضعفون، وجاد بالمعروف الأغنياء، واستغنى في دار معروفهم الفقراء، وأمنت سبلهم، وحسنت حالهم، وزال ضرهم.
فهذا والمثل الذي ضربناه أولا سيان، في القول والمعنى اثنان، والحمد لله على الحق والإستواء. فأفكر فيما ذكرت لك بلبك، وانظر فيه إذا نظرت بخالص مركب عقلك، يبن لك في ذلك الصواب، ويزل(2) عنك فيه الشك والارتياب.
[طريق الإمامة وصفات الأئمة]
وسالت عن إثبات الإمامة في الإمام من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقلت: بم تثبت له؟ أبعقد الناس وإجماعهم عليه؟ أم برواية رويت عن الرسول فيه؟ أم بغير ذلك؟
واعلم هداك الله بأن الإمامة لا تثبت بإجماع الأمة، ولا بعقد برية، ولا برواية مروية. ولكن تثبت لصاحبها بتثبيت الله لها فيه، وبعقدها في رقاب من أوجبها عليه، من جميع خلقه، وأهل دينه وحقه.
صفحه ۷۷۶