فما فائدة إخبارك بأنك تقر بها؟ "
فنقول: هذا يدل على جهله، فإن المؤمن يخبر بإيمانه بالله ورسوله، وإقراره بأصول الدين التي هي أشهر وأعظم من هذه المسألة، كالشهادتين وغيرهما من الأصول العظيمة.
ولا يقال: إن ذلك يعرفه المسلمون كلهم، ولهذا شُرع الأذان دائما، وتكراره دائما كل وقت، وشُرع للرجل إذا فرغ من الوضوء أن يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله". وأن يقول إذا صلى: "لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن" وأمثال ذلك كثير.
الوجه الثالث وجوب الإيمان بما جاء عن الله ورسوله كما جاء
(الوجه الثالث): قوله: "فأما أن تريد بها قول الواصف ولفظه". فلا معنى لذلك، أو تريد أنها تضمنت معنى حاصلا للموصوف، أو أنها لفظ دلّ على ذات باعتبار معنى هو المقصود كما ذكره ابن الحاجب؟ فمراد المجيب أنها تدل على معنى حاصل للموصوف على ما أراده الله ورسوله كما قال الإمام الشافعي –﵁: "آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت بما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله".
وذلك أنه يجب على الخلق الإقرار بما جاء به النبي ﷺ من القرآن والسنة المعلومة جملة وتفصيلا، فلا يكون الرجل مؤمنا حتى يقر بما جاء به النبي ﷺ جملة، وذلك هو تحقيق "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله".
فمن شهد أنه رسول الله شهد أنه صادق فيما يخبر به عن الله –﷿ من أسمائه وصفاته وأفعاله، وما يجوز عليه وما يمتنع عليه، ووعده ووعيده، وأمره ونهيه، وخبره عما كان وما يكون، فإن هذا هو حقيقة الشهادة له بالرسالة، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، وهو متفق عليه بين الأمة.
إذا تقرر هذا فقد وجب على كل مسلم تصديقه فيما أُخبر به عن الله من أسمائه وصفاته مما جاء في القرآن، وفي السنة الثابتة عنه ﷺ كما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، رضي الله عنهم ورضوا عنه.
1 / 131