315

جامع الرسائل

جامع الرسائل

ویرایشگر

د. محمد رشاد سالم

ناشر

دار العطاء

ویراست

الأولى ١٤٢٢هـ

سال انتشار

٢٠٠١م

محل انتشار

الرياض

قَالَ تَعَالَى ﴿كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كل من عَلَيْهَا فان﴾ ﴿وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام﴾ .
وَلَكِن " هَؤُلَاءِ النفاة " هم الَّذين يلْزمهُم أَن يكون قد تغير؛ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: كَانَ فِي الْأَزَل لَا يُمكنهُ أَن يَقُول شَيْئا؛ وَلَا يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته؛ وَكَانَ ذَلِك مُمْتَنعا عَلَيْهِ لَا يتَمَكَّن مِنْهُ ثمَّ صَار الْفِعْل مُمكنا يُمكنهُ أَن يفعل.
وَلَهُم فِي " الْكَلَام " قَولَانِ. فَمن أثبت الْكَلَام الْمَعْرُوف وَقَالَ: إِنَّه يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته قَالَ أَيْضا: إِنَّه صَار الْكَلَام مُمكنا لَهُ بعد أَن كَانَ مُمْتَنعا عَلَيْهِ.
وَمن لم يصفه بالْكلَام الْمَعْرُوف؛ بل قَالَ: إِنَّه يتَكَلَّم بِلَا مَشِيئَته وَقدرته كَمَا تَقوله الْكلابِيَّة فَهَؤُلَاءِ أثبتوا كلَاما لَا يعقل وَلم يسبقهم إِلَيْهِ أحد من الْمُسلمين.
بل كَانَ الْمُسلمُونَ قبلهم على " قَوْلَيْنِ ": فالسلف وَأهل السّنة يَقُولُونَ: إِنَّه يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته وَكَلَامه غير مَخْلُوق. و" الْجَهْمِية " يَقُولُونَ: إِنَّه مَخْلُوق بقدرته ومشيئته فَقَالَ هَؤُلَاءِ بل يتَكَلَّم بِلَا مَشِيئَته وَقدرته وَكَلَامه شَيْء وَاحِد لَازم لذاته وَهُوَ حُرُوف أَو حُرُوف وأصوات: أزلية لَازِمَة لذاته كَمَا قد بسط فِي غير هَذَا الْموضع.

2 / 46