فصل
الطريق إلى الله تعالى مبنية على الكتاب والسنة، ومدارها على ثلاثة أوجه: عبادة وإرادة ومعرفة.
فالعابد مستند لقيامه - عليه السلام - حتى تورمت قدماه؛ والمريد مستند لقوله تعالى { وإنك لعلى خلق عظيم } ؛ والعارف مستند من قوله: "لا أحصي ثناء عليك"؛
فالعابد بين خوف ورجاء، والمريد بين شكر والتجاء، والعارف بين تفويض ورضاء.
وقد قال ابن العريف - رضي الله عنه - : علق العباد بالأعمال والمريدون بالأحوال والعارفون بالهمم، وإنما يتعلق العباد عند اضمحلال الرسم، فالأعمال للجزاء والأحوال للكرامات والهمم للوصول، والحق وراء ذلك كله؛ والحق وراء ذلك كله، والعلم على القلوب كالأسباب على الغيوب، انتهى بمعناه.
(¬1)وأحسن كتاب للعباد المنهاج للغزالي وللمريدين كتب ابن عطاء الله.
ولا بد في طريق المعرفة من شيخ ناصح وأخ صالح، فإن المجاهدة ثلاثة: مجاهدة التقوى والشيخ فيها شرط كمال؛ ومجاهدة الاستقامة والشيخ فيها شرط صحة؛ ومجاهدة كشف والشيخ فيها شرط وجوب، ولكل مقام مقال ولكل عمل رجال، ومشاهدة أهل الله أصل كل فتح.
وقد قال شيخنا أبو العباس الحضرمي - رضي الله عنه - : اعلم أن الصدق مع الله هو أصل كل خير، وقد قال بعض العارفين: من طلب صدقا وصل إليه بأول خطوة، وقيل بأول قدم والصدق هو سيف الحق قلده الله أرباب الحق ما وضع على شيء إلا قطعه ولا تطيق الموجودات مقابلته ولا قوته أعني مفاجآت الحق للعبد مما يبدو له من الشهود والوجود الذي يحصل من الله لعبده وهو تجلي عن تجلياته، وهو نوع من تجلي الحق، والله الموفق للصواب، انتهى.
وبانتهائه تم الكتاب والله يرشدنا للحق والصواب بحرمة خير البرية، صلى الله عليه وعلى آله، انتهى بحمد الله وحسن عونه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
صفحه ۴۴