فإن قال: كذلك نحن. قلنا: من علم الله أنه ينقلب إلى الإيمان فهو وليه؛ يعني: إنه من أهل الثواب.
قيل له: إن كنت تقول: إن من علم الله أنه يتوب ويؤمن، وأنه من أهل الثواب على الإيمان فكذلك.
وأما يثاب ويتولى على عمل الكفر فتعالى الله عن ذلك، فلسنا ننازعك في علم الله، والأمور كلها تجري على ما علم الله لا خلاف لما علم الله، ولا حكم بغير ما حكم، ولا تقديم لما أخر، ولا تأخير لما قدم، بيده الأمر كله والخير كله والفضل كله.
فإن قال: أخبرونا عمن علم الله أنه يصير /36/ إلى النار ثم عمل بالإيمان، أليس الله وليه؟
قيل له: قد عرفناك أن ولاية الله هي ثوابه لمن عمل أنه يعمل بالإيمان ويموت عليه، فأما من عمل بالإيمان وهو التصديق ثم نقض ذلك بركوب ما حرم الله عليه، وتعدى حدوده التي أوجب الله على أهلها النار، فقد نقض إيمانه وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا، قال الله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.
فأما من ألبس إيمانه بظلم فلم يعده الله الجنة، ولم يتوله على الظلم، فأما من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإن الله غفور رحيم كما قال، وليس ولاية الله لخلقه تشبه ولاية المخلوقين.
فإن قال: أخبرونا عن محبة الله، ما هي؟
قيل له: محبته ثوابه، وإيجاب الكرامة لأهل طاعته، وجنته في الدار الآخرة، وفي العاجل مدحه لهم، وتزكيتهم وقبول عملهم والنصر لهم.
فإن قال: فولايته للمؤمنين؟
قال: هو أن يتولى ثوابهم فيثيبهم على أعمالهم، ويتولى أيضا حفظهم ونصرهم وإنقاذهم من الهلكة التي يقع فيها أعداؤه.
فإن قال: فرضاه عنهم؟
قال: هو -أيضا- القبول لأعمالهم، ومجازاته لهم الجنة التي لا تبيد أبدا.
صفحه ۴۹