وأما قولك: إن أبا بكر وعمر { كانا في الشرك وهما مؤمنان قبل أن يؤمنا ويصدقا بالنبي ^ فذلك نقض لما قاله المسلمون؛ لأنهم جميعا قالوا: إن الإيمان هو التصديق، والإيمان بالله وبما أنزل الله وأمر به من /35/ طاعته، ولم يكونا مصدقين فيكونا مؤمنين، وإنما جرى لهما اسم الإيمان بعد إقرارهما به وتصديقهما بما جاء به النبي ^، إلا أن يعني أن الله قد علم أن أبا بكر وعمر يؤمنان، فذلك كذلك.
وإن قلت: إنهما مؤمنان بعد إيمانهما وإقرارهما فكذلك.
وإن قلت: لا يضرهما ذلك الذي كانا عليه قبل الإسلام فهو كذلك؛ لأن الإسلام يحبط ما قبله من الشرك، كذلك قال الله ورسوله، ودعا إليه رسوله ونبيه لأمته، وأبو بكر وعمر وغيرهما من خلق الله سواء.
وإن قلت: إن الله يتولاهم على شركهم وهم عنده مؤمنون قبل إقرارهم به فقد عرفناك أن ولاية الله هي ثوابه، وذلك على عمل الإيمان لا على عمل الشرك.
فإن قلت: إن شركهما قبل إسلامهما لم يضرهما حين أسلما، فنعم، قد محا الإسلام الشرك.
وإن قلت: إن الله كان يتولاهما، ومن كان مشركا قبل إيمانه فقد أوجبت له الولاية على الشرك.
وإن قلت: إنه كان في علمه أنهم من أهل الجنة، وأنهم يؤمنون، فكذلك نقول: إن من آمن بالله ومات على إيمانه لم يضره ما كان تقدم في حال شركه من عمله بالمعاصي.
فإن قال: أخبروني عن أبي بكر وعمر، هل كانا عندكم في غير الولاية؟
قيل له: لم يكونا عندنا قط في غير ولاية؛ لأنا أتانا خبر إسلامهما واستحقاق ولايتهما، فهما عندنا في الحكم كذلك.
فإن قال: أليس قد علمتم أنهما قد عملا بالكفر قبل إسلامهما؟
قيل له: قد عرفناك أن الإيمان والإسلام يحبط ما قبله، وقد أتانا ولايتهما ولم تأتنا عداوتهما، فنحن على ولايتهما في الحكم متفقون.
صفحه ۴۸