قيل له: وقد قال: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}، وهذه آية محكمة يعرفها السامع، والأخرى آية متشابهة، والمتشابه يرد إلى المحكم، فلما كان معنى ناظرة يحتمل التأويل بمعان منها: نظر رؤية، ونظر علم، ونظر بصر، ونظر انتظار، ونظر فرج، ونظر خير، ونظر انتظار شر، وانتظار نعمة، وانتظار فرح وسرور، وكان الله تعالى لا يرى في الدنيا باتفاق لم يجز عليه أن يرى في الآخرة بتأويل لا يصح به قول المتأول، إذ لا تجوز الرؤية على الله بالأبصار كما قال: {لا تدركه الأبصار}، وقد قال لموسى: {لن تراني}، وقالوا: {أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم}، وقد بينا فساد قول من قال بالرؤية ما يكتفى بدونه -إن شاء الله-.
وقد قلنا: إن الأمر في التسمية إلى الله تعالى، لا نسميه إلا بما سمى به نفسه، وإذا امتنع من ذلك امتنعنا.
-وسأل عن حجة من يحتج في الرؤية من {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة} أنهم ينظرونه في الآخرة؟
قيل له: قد قال الله في كتابه لموسى: {لن تراني}، فإن كان معهم ناظرة رؤيته، فقد منع موسى من رؤيته.
فإن قالوا: ذلك في الدنيا دون الآخرة، كان عليهم إقامة الدليل . والنظر قد قلنا: يحتمل لمعان كثيرة، وقد قال الله تعالى: {لا تدركه الأبصار}، فهي لا تدركه في الدنيا ولا في الآخرة. و بالنظر رؤية بالبصر، وقد قدمنا تفسير ذلك.
مسألة: [القرآن لا ينقض بعضه بعضا]
وأما ما ذكرت من قولهم: إن القرآن لا ينقض بعضه بعضا، وأن الأبصار لا تدركه /25/ في الدنيا، وتراه في الآخرة؟
صفحه ۳۴