جلیس صالح
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
ویرایشگر
عبد الكريم سامي الجندي
ناشر
دار الكتب العلمية
ویراست
الأولى ١٤٢٦ هـ
سال انتشار
٢٠٠٥ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
مناطق
•عراق
امپراتوریها
خلفا در عراق
يَعْنِي صَاحِبَهُ - صَوْتَيْنِ لَمْ يَزَالا فِي قَلْبِي حَتَّى الْتَقَيْنَا وَأَحْبَبْتُ أَنْ يَأْخُذَهُمَا عَلَيَّ فَأَخَذَهُمَا عَلَيَّ، وَحلفت أَنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَخَلَعَ عَلَيَّ، وَسَكَتَ.
فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تَرَكْتَ مِنَ الْحَدِيثِ شَيْئًا فَهَاتِهِ، فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا، قَالَ: وَاللَّهِ لَتَقُولَنَّ مَا قَالَ أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ.
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: لَوْ كُنْتُ فِي مَوْضِعِهِ لَخَلَعْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَكَ مَشْقُوقَةً طَرَبًا، فَتَبَسَّمَ الرَّشِيدُ وَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَلا، وَلَكِنْ سَأَنْبِذُهَا لَكَ صَحِيحَةً فَهُوَ خيرٌ لَكَ، ثُمَّ دَعَا بثيابٍ وَنَبَذَ إِلَيْهِ ثِيَابَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَلِصَاحِبِهِ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَم، وَقَالَ: لَا تعود لِمِثْلِ هَذَا.
قَالَ: فَقَالَ صَاحِبُ ابْنِ جُرَيْجٍ: إِلا أَنْ تَحُجَّ ثَانِيَةً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَضَحِكَ وَقَالَ: أَلْحِقُوهُ بِصَاحِبِهِ فِي الْجَائِزَةِ.
وَصِيَّة أعرابية لولدها
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن رستم، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِيسَى النَّحْويّ، قَالَ: قَالَ أبان بْن تَغْلِب - وَكَانَ عابدًا من عبّاد الْبَصْرَة: شهِدت أعرابية وَهِي توصي ولدا لَهَا يُرِيد سفرا وَهِي تَقُولُ لَهُ: أَيّ بُنَيّ! اجْلِسْ أمنحْك وصيَّتي، وَبِاللَّهِ تَعَالَى توفيقُك، فإنَّ الْوَصِيَّة أجدى عَلَيْك من كثير عقلك.
قَالَ أبان: فوقفتُ مُسْتَمِعًا لكلامها مستحسنًا لوصيتها فَإِذا هِيَ تَقُولُ: أَيّ بني! إياك والنميمة، فَإِنَّهَا تَزْرَع الضغينة وتفرِّقُ بَيْنَ المحبين، وَإِيَّاك والتغرض للعيوب، فتُتَّخذَ غَرَضًا، وخليق إلّا يثبت الغَرَض عَلَى كَثْرَة السِّهَام، وقلَّ مَا اعْتَوَرَتِ السِّهامُ هَدَفًا إِلا كَلَمَتْهُ حَتَّى يَهِي مَا اشتدَّ من قُوَّته، وَإِيَّاك والجودَ بِدينِك، وَالْبخل بِمَالك، وَإِذا هززت فاهزز كَرِيمًا يلين لهزتك، وَلَا تهزز اللّئيم فَإنَّهُ صَخْرَة لَا يتفجَّرُ ماؤُها، ومَثِّل لنَفسك أمثالَ مَا استحسنتَ من غَيْرك فاعمل بِهِ، وَمَا استقبحتَ من غَيْرك فاجْتَنِبْهُ، فَإِن الْمَرْء لَا يرى عيب نَفسه، وَمن كَانَتْ مودته بِشْرَه، وَخَالف ذَلِكَ فِعْلَه، كَانَ صديقُه مِنْهُ عَلَى مثل الرّيح فِي تصرُّفِّها، ثُمّ أمسكَتْ. فدنوتُ مِنْهَا فَقلت: بِاللَّهِ يَا أعرابية إِلا زِدْتيه فِي الْوَصِيَّة، قَالَتْ: أوقد أعْجبك كَلَام الْأَعْرَاب يَا عراقي؟ قُلْتُ: نعم، قَالَتْ: والغدر أقبح مَا تعامل بِهِ الناسُ بَينهم، وَمن جمع الْحلم والسخاء فقد أَجَاد الْحُلَّةَ رَيْطَتَها وسِرْبَالَها.
عِنْدَمَا يسمع المحبُّ اسمَ حَبِيبه
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا عون بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي إِدْرِيس بْن بدر أَخُو الجَهْم بْن بدر، قَالَ: كَانَ أبي مُنْقَطِعًا إِلَى الْفَضْل بْن يَحْيَى، فَكَانَ مَعَه يَوْمًا فِي موكبه، فَقَالَ أَبِي: فرأيتُ من الْفضل حيرةً وجَوْلة، فَنظر إليّ فَفطن أَنِّي قَد استبنت مَا كَانَ فِيهِ، فَقَالَ: عَرِّفْني يَا بدر، كَيفَ قَالَ الْمَجْنُون: وداع دَعَا.......؟ فأنشده:
1 / 343