جلیس صالح
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
ویرایشگر
عبد الكريم سامي الجندي
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى ١٤٢٦ هـ
سال انتشار
٢٠٠٥ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ.
قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ جَالسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ إِذْ مَرَّ بِهِ رجلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَتَعْرِفُ هَذَا الْمُسَلِّمَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ مِنَ الْجِنِّ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
فَدَعَا عُمَرُ الرَّجُلَ فَقَالَ: أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: أَنْتَ كَمَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ الرَّجُلُ غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا اسْتَقْبَلَنِي أحدٌ بِهَذَا مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ، فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ ﵌، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ! بَيْنَا أَنَا نائمٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي رَئِيِّي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ وَافْهَمْ وَاعْقِلْ، قَدْ بُعِثَ رسولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ ﷿ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هاشمٍ ... بَيْنَ رَوَابِيهَا وَأَحْجَارِهَا
فَقُلْتُ: دَعْنِي أَنَامُ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا.
فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رسولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلابِهَا ... وشَدَّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا صَادِقُو الْجِنِّ كَكُذَّابِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هاشمٍ ... لَيْسَ قدامها كَأَذْنَابِهَا
قَالَ الْقَاضِي: وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى:
وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى بَابِهَا
فَقُلْتُ: دَعْنِي أَنَامُ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا.
فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، قَدْ بُعِثَ رسولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى عِبَادَته، ثمَّ أنشأ يقولك
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَحْسَاسِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلاسِهَا
1 / 225