٧ وقد قال بقراط فى هذا الكتاب قولا آخر لا أحسب الرجل الذى يكذب عندك بما يكذب وهذى فهمه عن آخره وهو هذا القول وقد ينبغى فى مواضع كثيرة أن يدفع الغذاء بتة وذلك متى كان المريض يحتمل أن يبقى إلى أن يبلغ مرضه منتهاه وينضج وليس ينبغى أن يتلقى قول بقراط بمثل فهم ذلك الرجل لكنه إنما ينبغى أن يتلقى بفهم من قد تعود أن يفهم المعانى على حقائقها وقد وصف بقراط هذا المعنى بلفظ آخر فقال انه ينبغى أن يتجنب الغذاء كله إلى أن يأتى منتهى المرض وينضج ووصف هذا المعنى بعينه فى الكلام الذى ذكرته قبيل فقال ثم من بعد فلا ينبغى أن تستعمل الأحساء دون أن ينضج المرض وجملة قول بقراط فى ذلك أنه متى كانت حال المريض فى مرضه الحال التى يأتيه معها البحران نحو اليوم الخامس ثم امتنع من الغذاء فى الأيام الثلاثة الأول من مرضه واغتذى فى اليوم الرابع ناله من ذلك ضرر عظيم جدا والذى يراه بقراط ضد هذا أعنى أنه إن كان المريض قويا فلا ينبغى أن يغذى بتة قبل اليوم الخامس وإن كان ضعيفا فينبغى أن يغذى فى الأول إلى الرابع بماء الشعير ثم يكون ما يغتذى به منه فى اليوم الرابع أقل مما كان يغتذى به منه فى الأيام التى قبله ثم يمسك عن الغذاء فى اليوم الخامس وذلك أيضا يضح لك ويتبين إن أنت قرأت الكلام الذى وضعت منه قبيل حرفا عن آخره وهو هذا ففى جميع هذه الأشياء التى وصفت أعظم الدلائل على أن تدبير هؤلاء الأطباء للمرضى ليس بصواب لكنهم يستعملون خلاء العروق فى أمراض لا ينبغى استعماله فيها وهم سيغذون أصحابها بعد بالأحساء ويغيرون التدبير وينقلونه من خلاء العروق إلى استعمال الأحساء فى أمراض لا ينبغى أن يغير فيها وهم فى أكثر الأمر من ذلك على خطاء وذلك أنهم كانوا كثيرا ما ينقلون المريض من خلاء العروق إلى استعمال الأحساء فى الأوقات التى ينتفع فيها كثيرا بالنقلة من الأحساء إلى المشارفة لخلاء العروق إن اتفق أن يكون استصعاب المرض فى ذلك الوقت أفلا ترى أن بقراط يأمر أن يستعمل فى منتهى المرض خلاء العروق ويعنى به الامتناع من الغذاء فالرجل إذا الذى ظن بابقراط أنه يأمر بأن يغذى المريض فى كل يوم مستحق للذم وذلك أنه معما أخطأ فيه من جميع ما ادعاه على بقراط قد أخظأ أيضا فى هذا المعنى الذى وصفته الآن وذلك أن بقراط وإن غذا المريض فى سائر الأيام المتقدمة بالحذر منه أن تسقط قوته فإنه عند منتهى مرضه يمنعه من الغذاء فيجب من هذا ألا يوجد مرض من الأمراض يغذو فيه بقراط صاحبه فى جميع الأيام إلا أن يكون صاحب المرض فى غاية الضعف وإذا كان ذلك كذلك فليس يمكن أن يحتمل المرض الحاد أصلا
[chapter 8]
صفحه ۱۰۲