«استمعوا إلى العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض فوالذي نفسي بيده لهم اشد تغايرًا من التيوس في زروبها (١») .
مطلب
(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضًا)
وعن مالك بن دينار يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض، ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه لذلك وإليه أشار «الرافعي» بقوله: ينبغي أن يكون المزكون برآء من الشحناء والعصبية في المذهب خوفًا من أن يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية فاسق وقد وقع هذا لكثير من الأئمة جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب، انتهى.
وقد أطال في هذا المقام وهو لعمري على رأس المخالف أمضى من حسام وقال أيضًا في حاشيته على «الدر المختار» في بحث الإمام أبي حنيفة وذكر مناقبه ورد الطاعنين فيه ما نصه: إن الإمام ﵁ لما شاعت فضائله جرت عليه العادة القديمة من إطلاق ألسنة الحاسدين فيه حتى طعنوا في اجتهاده وعقيدته مما هو مبرأ منه قطعًا لقصد أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره كما تكلم بعضهم في مالك وبعضهم في الشافعي وبعضهم في أحمد بل تكلم فرقة في أبي بكر وعمر وفرقة في عثمان وعلى وفرقة كفرت جميع الصحابة [طويل] ...
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالمًا ... وللناس قال بالظنون وقيل
وقال الذهبي والعسقلاني: إن قول الأقران بعضهم في بعض غير مقبول؛ لا سيما إذا لاح أنه لعداوة أو لمذهب إذ لحسد لاينجو منه إلا من عصمه الله تعالى.
قال الذهبي: وما علمت أن عصرًا سلم أهله من ذلك إلا عصر النبيين
_________
(١) جميع (زرب) حظيرة الغنم.
1 / 66