============================================================
جد ان كثيرا من النصارى في مصر والشام والمغرب والاندلس ساهموا مساهمة فعالة ي تأسيس هذه النهضة الفكرية : والنصرانية عند الفتح الاسلامي كانت منقسمة الى جملة طوائف اشهرها ثلاث : اليعاقبة - وكانوا منتشرين في مصر وبلاد النوبة الحبشة ، والنساطرة - نسبة الى نسطور الحكيم الذي كان بطريقا للقسطنطينية- وكانوا منتشرين في العراق والموصل وفارس، والملكانية - وكانوا منتشرين في بلاد الغرب وصقلية والاتدلس والشام . فكان بين هذه المذاهب الثلاثة جدال عنيف في العقائد بلغ احيانأ حد الاضطهاد- مثلما حدث لنصارى مصر على يد امبراطور روما- وكان السريان وهم من النصارى ايضا يأخذون الخمر والحرير وغيرهما الى بلاد المغرب ويحملون في عودتهم كتب الثقافة اليونانية من الاسكندرية وانطاكية وصقلية وينشرونها في الشرق . ولم يقفوا عند هذا الحد بل عمدوا الى تأسيس عدة مدارس كانت مراكز لهذه الثقافة وامكنة للدعاية والنشر وأهمها : الرها . ونصيبين ، وحران: وديسابولر.
استعان النصارى فيما وقع بينهم من خلافات دينية بالفلسفة اليونانية والمنطق وقام السريان بترجمة هذه الكتب الى لغتهم وأخصها كتب أرسطو المنطقية وشروحها كايساغوجي وكتب الالهيات والاخلاق والتصوف والطب والفلسفة الطبيعية ، فطبعوا هذه الكتب بالطابع المسيحي ، وتبنوا بعض النظريات التي وردت فيها ، ووجهوا عنايتهم اكثر وأكثر الى التأثر بالآراء الفيثاغورية والافلاطونية التي تنزع الى التصوف.
ويبدو واضحا انه في القرنين الثالث والرابع الهجريين ، كما قلنا ، توجه علماء المسلمين نحو الفلسفة لانهم وجدوا ان مجاوريهم من الطوائف الاخرى وأصحاب الاديان قد تفقفوا بثقافات عقلية حديثة واسعة وأخذوا يجادلونهم بالمنطق ويدعمون حخخهم بالفلسفة والحكمة : فاضطروا ، ازاء كل هذا ، الى النزول الى ميدان الاجتهاد والانطلاق فدرسوا الديانات المختلفة كي يتعرفوا الى مواطن القوة والضعف فيها، كما لجأوا الى الفلسفة يتخذون منها عونا ضد خصومهم ، وتعلموا المنطق ليقرعوا الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان ، كما انهم قلدوا مجاوريهم فأقاموا المدارس ليوزعوا منها افكارهم وينشروا تعاليمهم.
فهذه الأسباب مجتمعة كونت اول جماعة مفكرة في الاسلام ، وكان الاسماعيليون
صفحه ۶