-138- عقدت له تلك العقدة ، وأنهم أولياء للأمور التي تقوم بالإمام ، إذا لم يكن إماما معقودا له الامامة ، ولا نعلم أنهم اختلفوا في شيء من الأشياء إلا وقالوا إن للجماعة أن يقوموا به إذا لم يكن إماما ، وساروا بذلك وعملوا به ، من المحاربات وعقد الرايات ، وإنفاذ الأحكام من الأقسام ، وفرائض النساء والأيتام ، وتزويج من لا ولي له من النساء ، والأمر بالمعووف والنهي عن المنكر ، وإنصاف الناس من جميع دعاويهم ، إلا أنهم اختلفوا في الحدود .
فقال من قال : لا يقيمها إلا الامام .
وقال من قال : إن الحدود هي ضرب من الأحكام ، وما جاز في الأحكام جاز في الحدود ، ولا يجوز غيرذلك ، لأنه لا يجوز تعطيل الحدود ، كما لا يجوز تبطيل الحقوق . وقد خاطب الله المسلمين بذلك فقال -تعالى - : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)(1) . وقال -تعالى- : (وأن تقوموا لليتامى بالقسط )(2) ، فهذا في الأحكام في الحقوق .
وقال - تعالى - في الحدود : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة )(3) وقال في القاذف : (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة )(4)
فقد خاطب الله الجماعة بالحدود والأحكام ، فإن ثبت في الأحكام
-139-
__________
(1) - جزء من الآية ( 58 ) من النساء.
(2) - جزء الآية ( 127 ) سورة النساء.
(3) - جزء الآية 2 من النور.
(4) - جزء الآية 4 من النور.
صفحه ۱۳۹