ومن لم يقل بالفرق في نفس الأمر فإنه خارج عن حقيقة الإيمان كما أنه خارج عن شريعة الإسلام فليس معه حقيقة إيمانية ولا شريعة إسلامية وإنما معه حقيقة خلقية قدرية أقر بها عباد الأصنام الذين هم مشركون وذلك أن شهود القيومية بلا جمع ممتنع طبعا وشرعا فمن لم يشهد الفرق الشرعي الإلهي وإلا كان مع الفرق الطبيعي النفساني أو مع فرق آخر شيطاني فمن لم يعبد الرحمن عبد الشيطان {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} وذكر الرحمن يراد به الذكر الذي أنزله الله تعالى كما قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}
فمن أعرض عن هدى الله الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه فلم يفرق بين ما أمر الله به وما نهى عنه كان معرضا عن ذكره المنزل فيقيض له شيطانا يصده عن سبيل الله فيفرق بمجرد هواه ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله
صفحه ۳۵۷