وأما استشهاده بقوله تعالى {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} فمن هذا الجنس وهو قد سبقه إلى هذا المعنى الذي توهمه طائفة من الجهال وذلك أن الله تعالى لم يضف الرمي هنا إلى نفسه لمجرد كونه خالقا لأفعال العباد فإن هذا قدر مشترك بين رمي النبي صلى الله عليه وسلم وسائر أفعاله غير الرمي وبين رمي غيره من الناس وبين أفعالهم فإن فعال العسكرين يوم بدر خلقها الله تعالى كما خلق سائر أفعال الحيوان لو جاز أن يقال إن الله رمى لكونه خلق حركة العبد لقيل إنه يكر ويفر ويركب ويعدو ويصوم ويطوف ونحو ذلك لكونه يخلق ذلك
وقد روي أن المحاصرين لعثمان رضي الله تعالى عنه كانوا يرمونه بالحجارة فقال لم ترموني فقالوا لم نرمك ولكن الله رماك قال كذبتم لو رماني الله لأصابني وأنتم ترمونني ولا تصيبونني وهو صادق في ذلك فإن الله تعالى لما رمى قوم لوط وأصحاب الفيل أصابهم ولكنهم هم رموا عثمان
والله تعالى يقول {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من تراب أو غيره فرمى بها المشركين فأصابت عيونهم وهزمهم الله تعالى بها ولم يكن في قدرة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بل الله تعالى أوصل ذلك إليهم
صفحه ۳۳۴