سلطة الباشا: وهو الوالي الذي يرسله من الآستانة، ومقره في قلعة القاهرة، ويختص بتلقي أوامر السلطنة وتبليغها ومراقبة تنفيذها.
ثانيا:
سلطة البكوات: وهم بقية الحكام المماليك، وقد عهد إليهم في إدارة المديريات وحفظ الأمن والنظام في البلاد، كما هو شأن المديرين الآن.
ثالثا:
سلطة الوجاقات: وهي القوة العسكرية. وكانت مؤلفة من الإنكشارية، والمتفرقة، والدلاتية (جند المغاربة)، وغيرهم. وعليها جباية الضرائب والإعانات والغرامات وما إليها من الأموال التي تؤخذ لخزانة الدولة، كما أن عليها الدفاع عن البلاد عند الحاجة إلى ذلك.
على أن البكوات المماليك لم يقنعوا بالسلطة الكبيرة التي منحت لهم، فما لبثوا قليلا حتى عادوا إلى الاستبداد.
وكان من بينهم «شيخ البلد» المنوط به حكم القاهرة والسهر على استتباب الأمن والنظام فيها كما هو شأن محافظها الآن. غير أنه لم يكن يقنع بما دون السلطة المطلقة، ولم يكن للباشا التركي بجانبه من السلطة إلا مظاهر جوفاء، لا أثر لها على الإطلاق.
فلما كانت سنة 1763، وآلت مشيخة البلد إلى علي بك الكبير، كان أكثر المماليك شهامة وأعظمهم همة وأشدهم بطشا. ولكنه طمع في الاستقلال بمصر، وحدثته نفسه بافتتاح البلاد المجاورة لها أيضا.
ولم تكن القاهرة في تلك الأيام على ما هي عليه الآن من اتساع العمران وكثرة السكان. فالأحياء المعمورة فيها حينذاك لم تكن تزيد على أحياء: الحمزاوي والغورية والجمالية والنحاسين وما جاورها. أما الفجالة وشبرا والعباسية والإسماعيلية والجزيرة وغيرها من الأحياء الحديثة فلم تكن قد أنشئت بعد.
وكان للمدينة سور منيع به أبواب عدة ضخمة تغلق عقب غروب الشمس كل يوم، فلا يستطيع أحد بعد ذلك أن يدخل المدينة أو يخرج منها إلا بإذن خاص، وما زالت بعض هذه الأبواب وآثار السور باقية حتى اليوم.
صفحه نامشخص