الخامسة: قال ابن المنير: إنما كان الاسراء ليلا لأنه وقت الخلوة والاختصاص عرفا، ولأن وقت الصلاة التي كانت مفروضة عليه في قوله تعالى:{ قم الليل} من المزمل 2.
وليكون أبلغ للمؤمن في الايمان بالغيب وفتنة للكافر ولأن الليل محل الاجتماع بالأحباب قال ابن دحية: ولإبطال قول الفلاسفة: إن الظلمة من شأنها الاهانة والشر، وكيف يقولون ذلك مع أن الله تعالى أكرم أقواما في الليل بأنواع الكرامات كقوله في قصة ابراهيم:
{ فلما جن عليه الليل} من الأنعام 76
وفي لوط: { فأسر بأهلك بقطع من الليل}من هود 81.
وفي موسى:{ وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} من الأعراف 142.
وناجاه ليلا وأمره بإخراج قومه ليلا في قوله:
{فأسر بعبادي ليلا} من الدخان 23.
واستجاب دعاء يعقوب فيه وهو المراد في قوله:
{سوف أستغفر لكم ربي} من يوسف 98.
قال المفسرون: أخره الى وقت السحر من يوم الجمعة وأظهر منه انشقاق القمر آية له صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإيمان الجن به وتبليغه إياهم الوحي كان ليلا مع تفصيل الليل بسبقه النهار أي تقدمه في الخلق والابتداء به في جمع آي القرآن وسبق الليلة يومها الا عرفها وفيه ساعة الاجابة وهي في كل الليالي بخلاف الأيام فهي منها في الجمعة فقط، وفي الليالي ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر وليس في الأيام يوم كألف شهر فضلا عن أن يكون خيرا منها وأطيب السمر ليلا لخلو الفكر فيه وألذ الوصال ليلا بل هو وقته لقوله تعالى:
{وهو الذي جعل لكم الليل لباسا} من الفرقان 47.
وإشراق القمر فيه بخلاف النهار.
السادسة: قال ابن المنير: كانت كرامته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المناجاة على سبيل المفاجأة كما أشار اليه بقوله : بينا انا، وفي حق موسى عن ميعاد واستعداد، فحمل عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألم الانتظار.
صفحه ۴۱